الهدية التي ربما لم يكن بإمكانه أن ينالها بغير هذا الوجه. وفي خلال اليومين اللذين قضيناهما في وزن النقود ، كان الأمير يرسل الطعام إلى الكروان باشي. وعند رحيلنا بعث إلينا باثنتي عشرة قوصرة تمر ، وأربعة من صغار الإبل يسوى الواحد منها نحوا من أربعين كراونا.
وبعد يومين من سيرنا ، صادفنا شيخا يعتبر بين الأعراب حكما فيصلا ، كان قاصدا مكة ، وقد قطع شطرا من البلاد العربية السعيدة. وكان معه حاشية على عشرة أو اثني عشر جملا. فمكث طوال الليل معنا. وكان أحد خدمه أصيب قبل يومين بجراح خطيرة من بندقية ، فضمده جراحي وأعطاه مرهما ومطهرا. فشكرنا على ذلك غاية الشكر ، وأرسل إلي الغداء وهو عبارة عن صحن كبير من البلاو. وفي اليوم الثاني بعث إلينا بشاة مطبوخة. وأهداه الكروان باشي ذراعين من القماش القرمزي.
وبعد ذلك لم نمر في طريقنا بما يستحق الذكر. إلا أننا في اليوم التالي صادفنا أميرا آخر ، له من العمر نحو من خمس وعشرين سنة ، كان آتيا من الفرات ووجهته البلاد العربية السعيدة. وكان برفقته نحو خمسمائة حصان وثلاثمائة جمل تحمل نساءه. وقد أرسل يستعلم عما تكون قافلتنا؟ وعند ما علم أن فيها بضعة إفرنج ، أحدهم جراح ، أرسل ثانية إلى الكروان باشي يطلب إليه أن يتبعه بقافلته إلى المكان الذي أزمع أن ينصب خيامه فيه ، ولم يكن بعيدا عن الطريق. ولم نكن نظن أننا سنذهب قصيا في ذلك النهار. إلا أنه قادنا إلى أطيب بقاع البادية ، فنصبت خيمة الأمير ، واستدعى جراحي ، فرأيت أن أرافقه لأعلم ما يريده منه. فألفينا على ذراعه اليسرى قوباء (1) فيها قوبة خبيثة جدا ، بقدر قطعة كراون ، وهي تزول ثم تعاوده في أوقات معلومة من السنة. فسأل الجراح عما إذا كان يستطيع أن يشفيه منها. فأجاب الجراح بأن الشفاء ليس مستحيلا ، إن أمكن الحصول على العقاقير
صفحة ٢٣