في طريقها من بغداد الى الموصل : واذ كان المناخ حارا لا يحتمل والرياح قوية ، فقد مات منهم اربعون جنديا ، لم يوار التراب منهم سوى اثنين ، بينما بقيت جثث الاخرين دون دفن ، فتكالبت الوحوش عليها (1) في ذلك اليوم نفسه مات رجلان وامرأة من قافلتنا ، فكان لموتهم المفجع تأثير في افراد القافلة كلهم ...
لقد كنا ، انا ورفاق السفر ، غارقين الوقت كله بعرقنا ، منذ خروجنا من حلب حتى وصولنا الى بغداد. وقد تهب الريح احيانا فتنشف العرق عن اجسامنا ، لكنها كانت ريحا مزعجة للغاية فهي محملة بهواء حار كلهيب النار ... ولقد اصبحنا اكثر من مرة في الرمق الاخير. وهكذا كفرت عن خطاياي امام الرب ، وفكرت في اعماق نفسي بجهنم ... وظهر الموت حلوا لنخلص من العذاب الذي كنت فيه ...
في اليوم الثاني حللنا في مره كثري (؟) Caragheisie وهي قرية للارمن ايضا ، وتقع على هضبة في وسط ارض مقفار جدباء لا نهاية لها ، وقد احرقتها الشمس.
لم نتقدم كثيرا في ذلك اليوم ، لان دليلنا تركنا في ظلام الليل الدامس وهرب. فلما حل المساء عاودنا السفر. ونحو الساعة الثالثة تعالت صراخات حارس مؤخرة القافلة ، يدعونا الى حمل السلاح ، فاوقع الذعر في نفس الاغا ، فاجتمع هو وحراس مقدمة القافلة بالقرب من الخزينة ، والتجأت بدوري بالقرب منهم ... واذا بالقادمين جماعة من البدو كانوا يريدون الانضمام الى قافلتنا ولم يكونوا لصوصا ...
صفحة ٢٠