رحلة الشتاء والصيف
محقق
الأستاذ محمَّد سَعيد الطنطاوي
الناشر
المكتب الإسلامي للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٣٨٥ هـ
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الجغرافيا
على ساق، وتجاهر بالمعاصي فيها الفُسّاق، فلم يفرّق فيها بين الراح والماء القراح، والله غالب على أمره، وهو المسؤول في السلامة من كيد الزمان قهره.
فائدة
في معرفة ثقيل الماء وخفيفه: تُبلُّ قطنتان متساويتان وتجففان في الظل، والماء الذي قطنته أخف فهو أخف، كذا في تذكرة الشيخ جمال الدين العصامي. ثم إني دخلت خاويَ الوفاض، بادي الإنفاض، لا أملك بلغه، ولا أجد في جرابي مضغة، فطفقت أجوب طرقاتها كالهائم، وأجول في حوماتها جولان الحائم، أورد في مسارح لمحاتي، ومسانح غدواتي وروحاتي، كريمًا أخلق له ديباجتي وأبوح إليه بحاجتي، وأديبًا تُفرِّج رؤيته غُمَّتي وتروي روايته غُلّتي، فانصرفت من حيث أتيت وقضيت العجب مما رأيت، وهكذا شأن من لفظته معاول الإرفاق إلى مفاوز الآفاق، ومن اقتعد غارب الإغتراب، وأنأته المتربة عن الأتراب، رأى من تقلب حاله ما لا يجرى في خياله.
وإنّ اغتراب المرء من غير فاقة ... ولا حاجة يسمو لها لعجيب
وحسب الفتى ذلًا وإن أدرك الغنى ... وإن نال مجدًا أن يقال غريب
فأقمت بها مدة تناهز مدة الهلال، وعِدّة لم تُسْفر فيها وجوه الآمال، فلا مسامر في تلك المسامر، ولا منادم بوجه سافر.
مدادي مدامي والكؤوس مَحَابري ... نداماي أقلامي وفاكهتي شِعري
ومسمعتي ورقاء ضنّت بحسنها ... فأسدلت الأستار من ورق خضر
1 / 137