يأخذ معه خدامه وعبيده بل وأصدقاءه. وكانت العطايا التي يحصل عليها مقابل أدائه بعض الخدمات ، والأموال التي تتوفر له من بيع غنائم الحملات التي اشترك فيها كل هذا كان يوفر له مصادر إضافية للمال. كما أن انضمامه إلى بعض الهيئات الرسمية كان يعفيه من نفقات بعض الرحلات.
ومثل ملك أحمد باشا دورا هاما في رحلات أوليا جلبي ، سواء أثناء توليه منصب الصدارة أو أثناء شغله وظيفة أمير الأمراء في أوزى والبوسنة والروملي ووان وديار بكر ، حيث أن أوليا جلبي لم يفارقه في أي منها. وبذلك تمكن من التجول في مناطق كثيرة من الأناضول والروملي. حتي أنهم وصفوه بلقب «المنسوب إلى ملك أحمد باشا». واكتسب أوليا جلبي من رحلته التي قاربت نصف قرن من الزمان ، تجارب ومعارف لا نهاية لها. فكان شاعرا وخطاطا ، ومزخرفا وعارفا بالموسيقى. وقد أكد مواهبه في مواضع كثيرة. وقد قام بكتابة الخطوط التي على الحرم الهمايوني على النسق القره حصاري. كما أنه عبر في كتابه ، عن الانبهار الذي شعر به أمام الكتب المذهبة وذات المنمنمات التي شاهدها في مناطق ترحاله. وكانت له روح رقيقة متصوفة يصف نفسه بأنه «أوليا بلاريا» (أوليايي بي ريا) وبسبب تواضعه التف حوله الكثير من الأصدقاء. فضمت حاشيته الولاة والقادة. لكنه لم يتراجع عن توضيح ما لمسه فيهم من نقاط للضعف. ويغلب علي أوليا جلبي في كتابته حسن التعبير. أما أسلوبه ، يجذب القراء رغم ما يبدو فيه من أخطاء نحوية متناثرة. ونجد فيه بعض الأشكال التي لا تتواءم في فهمها مع لغة الكتابة. وقد أعطى أوليا جلبي أهمية خاصة لأشكال الحديث واللغة بين الاناس في الأماكن التي طاف بها. وهو بعبارته البسيطة وتعبيراته الصادقة التي كتبها وكأنه يتكلم ، ظهر وكأنه يخاطب بها كل إنسان. وقد رأي بعض الباحثين في سياحتنامة هذه أنها مذكرات. وكان أوليا جلبي كثيرا ما يدنو من الأحداث بصورة أخاذة. ولا يتورع عن تقليد من يلتقي بهم من شخصيات. وكان أحيانا يروي حادثة أو خبر مصطنع لكي يجعل الشيء الذي ينقله أكثر إثارة (تلونا). كما يبدو وقد أفسح مكانا للغريب من الوقائع التي لا تتفق مع العقل بغرض جذب اهتمام القارئ. مثال ذلك أن القرية التي يمر
صفحة ١٤