والمقترح زراعة خضر وأنواع من المحاصيل سريعة النمو، الصالحة أعلافا للحيوان كنبات الكشرنجيج - الذي يمكن أن يحش مرتين إلى ثلاث مرات في أربعة أشهر - بالنسبة للزراعة الشاطئية، تماما كما كان يفعل النوبيون قبل 1963. أما الزراعة الدائمة في المناسيب العالية، فيمكن أن تكون أعلافا وأشجارا مثمرة، وبخاصة نخيل البلح النوبي، وعلى الأطراف أشجار للحصول على الخشب، هي في نفس الوقت مصدات للرياح وسفي الرمال.
ويقترح المتخصصون أن تكون هناك دورة زراعية ثلاثية في أراضي المحاصيل، يتبادل فيها البرسيم وفول السوداني والشعير، مع قليل من السمسم والبصل والثوم والترمس والحلبة. أما دورة الزراعة الشجرية، فتبدأ بأعلاف وشعير، ثم أشجار فاكهة يحمل عليها علف وفول سوداني وبرسيم.
أين توجد الحقول الملائمة للزراعة في الإقليم؟
تتمركز أفكار التنمية حول مناطق محددة من أجل الزراعة الدائمة في المناسيب العليا - 180-190 مترا - فالواضح من الشكل (
1-4 ) والخريطة (10) أن هناك مناطق معينة للتنمية الزراعية، أكبرها في الشمال حول خليجي وادي كركر ووادي كلابشة - 67 ألف فدان - ثم خمس مناطق متفرقة في الوسط والجنوب متشابهة المساحة - بين 11 ألف فدان و15 ألفا - والملاحظ أن معظمها في الجانب الغربي من البحيرة؛ لسبب بسيط هو أن المنطقة الشرقية كانت دائما جبلية أو هضابية وعرة التضاريس، باستثناء منطقة سيالة-العلاقي المنبسطة، أما غرب البحيرة فكان أكثر انبساطا وأقل وعورة وأقل تقطعا بالأودية والأخوار، إلا في مناطق أودية كركر وكلابشة وتوشكى غرب وسارة في أقصى الجنوب، وهذه هي مناطق الخلجان البحيرية الواسعة، والأرض حولها منبسطة قليلة التعقيد، ومن ثم هي أماكن ملائمة للزراعة إذا توافرت ظروف أخرى، وبخاصة أنواع من التربات الجيدة.
شكل 1-3: مساحة الأراضي المحيطة بسواحل بحيرة ناصر على مناسيب مختلفة.
أما الزراعة الشاطئية فهي حول معظم سواحل البحيرة وأذرعها وخلجانها الكثيرة، وتعتمد مساحتها على قدر تراجع مياه البحيرة من ناحية، وعلى مرونة وقدرة المزارعين على الانتشار إلى تلك الأراضي وزراعتها بالفأس، كما كان الحال في النوبة القديمة. ذلك أن استخدام المحراث والجرار أو حيوان جر يستدعي استعدادات للنقل قد لا تتوافق مع قصر مدة الموسم الزراعي.
ولكي تكون الزراعة ناجحة، فالواجب تضافر جهود إرشاد زراعي مع مهندسي المياه؛ للتنبؤ القريب بحالة الفيضان، وكميته المتوقعة، والأراضي التي قد تطغى عليها المياه بسرعة، وابتكار وسيلة اتصال قوية مع المزارعين لإعلامهم بحالة المياه والأرض؛ لكي يتجنبوا الزراعة في أرض مهددة بالغرق القريب.
ونظرا لكثرة ترجيح زراعة الأعلاف في المستقبل، فإن الزراعة هنا يجب أن تكون من النوع المختلط؛ أي زراعة وتربية حيوان معا، أو ربما تكون منطقة إنتاج حيواني تقدم لها الأرض أعلاف التسمين. ولا شك أن أصلح حيوانات التربية في هذه البيئة شديدة الحرارة هي الأغنام والماعز من السلالات التي كانت سائدة في النوبة القديمة، كذلك يمكن الاستفادة من سلالة الأبقار النوبية وتهجينها وتدريجها من أجل اللحم - والقليل من اللبن - والجلود. وفي هذا المجال يمكن إنشاء بعض المراعي الجافة في أعالي الأخوار من أجل رعي الجمال، خاصة أعالي الوديان الشرقية، من خور رحمة إلى وادي أور، مرورا بأودية أبوسكو والعلاقي وكورسكو، وبالتالي نكون قد حفزنا بعض العبابدة والبشارية من البدو الرحل على الاستقرار وتنمية ثروتهم من الإبل؛ تمهيدا لدخولهم اقتصاديات السوق، بدلا من الشكل التقليدي للرعي البدوي الذي يمارسونه للآن.
كذلك تخصيص مناطق لتربية حيوان معين كالماعز والأغنام في مزارع من المنطقة الجنوبية (أدندان وقسطل) ومن المنطقة الوسطى (جرف حسين - الدكة) وذلك من أجل إنتاج كمي من نوع واحد، وتجنب انتقال عدوي أوبئة من حيوان لآخر، أما الأبقار فيشيع تربيتها في معظم المزارع المقترحة. (4) البيئة والتلوث
صفحة غير معروفة