118
وتلك وجهة نظر في النقد يدافع عنها كثيرون، عندما يذهبون إلى أنه «لا بد من اتخاذ العمل الفني ذاته محورا لكل ما يقال في ميدان النقد وأساسا لكل تذوق؛ فالاستطراد في الكلام عن شخصية الفنان أو وقائع حياته أو ظروف مجتمعه، دون أن تربط بين ما تقوله وبين العمل الفني ذاته، لا تعدو أن تكون استطرادات ذات قيمة تاريخية أو نفسية أو اجتماعية، ولكنها ليست نقدا بالمعنى الصحيح ...»
119
على أن النقد الأدبي يدخل في مجالات أشد تعقيدا كما تفعل «البنيوية» مثلا؛ مما يجاوز هذه التحديدات العامة التي وضعها أستاذنا؛ ولذا سنكتفي بهذه الفكرة لننتقل إلى أدب المقال.
ثالثا: أدب المقال
قلنا إن زكي نجيب محمود يكاد يكون من أبرع كتاب «المقالة الأدبية»، في أدبنا المعاصر. ولقد كان له تصور خاص لهذا اللون من الأدب، تأثر فيه بأدباء المقال الإنجليز بصفة خاصة، لكن اهتمامه بهذا الطراز من الفنون الأدبية جاء مسايرا لاهتمام أدباء عصره بالمقال «فأديبنا قصير النفس، تكفيه المقالة الواحدة يفرغ في أنهرها القليلة كل ما يتأجج به صدره من عاطفة وما يخلج به رأسه من فكر: فإن غضب أدبينا من نقص يلمحه في بناء الجماعة أو أخلاق الفرد، فزع إلى المقالة يصب فيها ثورة غضبه، وإن افتتن أديبنا بمجال الطبيعة الخلاب، لجأ إلى المقالة يبث فيها ما أحس من عجب وإعجاب ...»
120
فالمقال عندنا ملاذ الأديب، بصفة عامة، باستثناء قلة قليلة عمدت إلى القصة أو المسرحية ... إلخ، ولا بأس أن يلجأ الأديب إلى المقال إذا سار على قواعد الأدب الصحيح ... فما هي؟
هناك ثلاثة شروط للمقال الأدبي من حيث الشكل: (1)
أول شرط للمقال الأدبي أن يكون له «فورم
صفحة غير معروفة