فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون قليلة الأشجار ، [كثيرة الإسفار (1)، وأما بلدنا فهي قريبة منها على مسيرة أقل من يوم وبلنا كثيرة الشجر (2) من زيتون وعنب وتين كثيرة الفواكه إلا النخل والليم فليس فيها وما ذكرنا من بني يعلى وزمورة وطن واحد كثير الأمطار والعيون ومع ذلك كثير المعاصي والبدع ، وقل الحكم فيها وارتفع ، وزاد لما ذكر فنساؤهم باديات مكشوفات ، هداهم الله لحجبهن لأنه من أعظم الأفات ، وإنها كثيرة الثلج ومع ذلك يقولون انه زبل البلد ومهما كثر كثر الزيتون وزمورة علمها قليل ، وجهلها جليل ، كثيرة اللهو اللعب ، نائية التواضع والقرب ، قل فيها الاعتبار ، والزاهد في هذه الدار ، والشارب من كأس الحب بالإكثار ، وفيها من أجل الطلبة وأفاضلها من قل أن يأتي به الزمان ، ويسمح (3) به الأوان ، فاضل على الإطلاق ، ومحب بالاشتياق ، مشارك الفنون ، أديب متمكن في المعالي فحلا في العيون ، ومقبول عند الوجوه ، له طلاوة وحلاوة بما لا يعنيه لا يفوه ، ولي إن شاء الله عن كل ما يشين بعيد ، سيدي محمد السعيد ، ومثله بل زاد عليه حسن الخلق ، الفائز بتادية الحقوق ، سيدي محمد بن عبد الله ومثلهما سيدي المبروك الشوثري فانه أمثل أهل زمانه كثير الحفظ إلا أنه لم يستمد من الأشياخ وهو أنسب من غيره فتح الله عليه وكذا سيدي الطاهر الشوثري فقد رأيت رسومه فلا بأس بها وفيه الفقيه المسن ذو الأخلاق العلية والأوصاف السنية سيدي أحمد الشوثري وقد انتقل وتركته متوطنا فيها وفيها سيدي علي بن الطيب فقيه حافظ للأنفال ، وفقه الله وإيانا إلى صالح القول والأعمال ، وغيرهم مما لا نسبة له من العلم وإن قلت.
صفحة ١٠٩