سوق الثلاثا لبني هارون وجدوا بعض إخوانهم من الطلبة فسألوهم عن الخبر وقالوا بعث معنا (1) عددا من المعز وغفلوا عن وصية الشيخ رضي الله عنه فلما ذهبوا لذلك المعز وجدوه جلودا من زيت وقد أسقط عليهم الكلفة [فلما فضحوا سر الشيخ رجعت لهم الكلفة (2) ] ثم أنهم حملوها جلودا كذلك إلى أن وصلوا إلى بجاية إلى الشيخ فاخبروه القصة وقال لهم لو سكتم لوصلوا كذلك ثم يرجعون زيتا فلما خالفتم وقع بكم ما وقع من الكلفة وبالجملة من كتم سر الأولياء وكذا سر الله انتفع به ودام له ذلك وكراماته رضي الله عنه كثيرة وقد كتبنا منها نبذة في شرحنا لوظيفته عند ختمه ولم أذكر فيها كرامة عظيمة لم أرها مسطرة غير أنها تواتر أمرها واشتهر وهو انه لما رجع من سياحته وقد مكث فيها مختفيا عن الناس نحوا من عشر سنين وأمه في حال حياتها وجد أهل قريته أخذوا ثورا لحما فقسموه ولم يجعلوا نصيبا لأمه من غير اكتراث بها فلما علم بذلك تغير من أمرهم حيث لم يسهموا لها شيئا والحالة أن اللحم لم يبق منه شيء بل جعلوه في القدور ولم يجد شيئا باقيا إلا الجلد والرأس فعند ذلك ورد عليه حال عظيم بان أمسك الجلد من الذيل وقال له قم بإذن الله فقام الثور يمشي كما كان أول مرة فلما شاهدوا منه ذلك خضعوا له وتواضعوا وذلوا واستكانوا وظهر أمر الشيخ بينا بحيث أن من تعدى عليه هلك بغتة وقد كان له زرع في امالوا (3) وبات فيه جماعة من الناس بخيلهم من غير علم أن الزرع للشيخ فلما أصبح الله بخير الصباح مات جميع خيلهم وحملوا سروجهم على أعناقهم ثم إن ذلك في أخر عمره ارتفع وسئل الشيخ عن ذلك فقال فعل الله ذلك ابتداء ليعلم بحالي الخلق وليظهرني فلما حصل المقصود من الظهور والنفع للخلق وظهرت الخصوصية
صفحة ٢١