112

الإسكندر أحمد الفيلسوفي الدربن وني (207) في تأليفه في الرد على النصارى : «كلام الله لا ينحصر صدقه على عيسى عليه السلام فقط ، بل يصدق على كثير ، وهو موافق بآية كريمة : ( يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده » ) (208). وليس كلام الله عين ذاته الله ، إذ الكلام غير المتكلم ، لأنه شبيه الكلام بالبذر ، والمتكلم بالحراث.

فإذن لو كان عيسى عليه السلام إلها على تقدير كونه كلام الله لزم أن يكون كلما صدق عليه أنه كلام الله أيضا إلها ، فحينئذ لزم إلهات متعددة ، فاللازم باطل بالبداهة ، والملزوم مثله. وهو موافق بآية كريمة : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) (209)، انتهى.

وقال لي بمراكش شيخنا ، الخير الإمام ، الفقيه ، سيدي أحمد ابن الحاج أحمد التواتي أن فقيها من المسلمين كان أسيرا عند كافر نصراني يقرأ بالعربية ، وقال للمسلم : عندكم في القرآن أن عيسى هو روح من الله ، وأتى بآية قال : ( وروح منه ) (210)، وعزم أنه ينتقم من المسلمين إذا لم يأت بحجة تفكه من يده. قال الفقيه إن شاء الله بالقرآن ننجو منه. فتوضأ ، وقرأ من أوله إلى أن قال : ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) (211)، ففرح بذلك ، وقال للكافر : اسمع قول الله تعالى في القرآن العزيز ، وقرأ الآية ، وقال : هذه الآية مثل الذي قال الله تعالى : ( وروح منه ). فكما خلق السموات والأرض ، خلق سيدنا عيسى. ولما رأى النصارى الحق ترك المسلم مما عزم عليه. ولو ذكر له قوله تعالى : ( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ) (212) وكذلك ( وأيدهم بروح منه ) (213)، فكان ينجوا من

صفحة ١٣٠