يشاء، يميت الحي، ويبرئ المريض، ويضرب بسهمه من يشاء فيقتله ووجدت فيهم أذكياء، يعلمون أن الأمر ليس كذلك، لكن حصل لهم بسبب تعظيمهم لشيوخهم رئاسة بين الناس وفتوحا، فهم يقيمون جاه شيوخهم إبقاءا على حظوظ أنفسهم . لا يعرفون الحلال ولا الحرام، ولا الورع عن المحارم والاحترام يجيء إليهم المحب الطالب لطريق الله فيتوبونه، ولا يعلمونه حدود الله ولا أمره وكيف وهم يجهلونها علما، ويتركون أحكامها عملا ? لا يأمرون مريديهم بإتقان العبادات، ولا تحقيق معرفة حدودها، من فرائض الطهارة وسننها، وفرائض الصلاة وسننها. ويقولون: إذا قيل لكم: ما مذهبكم ? فقولوا: الماء والمحراب !!
أبغض ما لهم الفقهاء، إلا عند نكاحهم وطلاقهم أو بيوعهم، فيحتاجون إليهم لأن أمرهم لا ينفذ إلا بذلك، ولو أمكن الاستغناء عنهم لاغتنوا، فلا محاسبة في الجوارح، ولا مراقبة في الباطن، ولا مراعاة لحدود الشرع، ولا حرصا على آداب الرسول صلى الله عليه وسلم في عباداته وعاداته، بل يحرصون على سيرة شيخهم الأكبر ، مثل حضور مجلس السماع بعد العشاء ، يزعمون أن رجال الغيب تحضره ، فترى شيوخهم حريصين في ذلك الوقت على الاجتماع، وجمع الهمم فيه، فإذا جاء وقت الصلاة نقروا نقر الغراب، لا يصدق أحدهم متى ينفلت من صلاته، فيخرج من صلاته إلى السماع، كما يخرج المحبوس من بيت مظلم ضيق إلى الفضاء يسافرون بأصحابهم معهم المغاني والرايات، تتبعهم الرجال والنساء، يقيمون السماع، وتضرب النساء منطقة حول الرجال، بارزة وجوههن، وربما بات النساء في مواضعهن رغبة في الأجر ، ولكونه - في معتقدهم - مجمع الأولياء فيتعبدون بالمبيت حول الرجال، وفي ذلك الدسائس وقضاء أوطار النفوس، فإذا أقاموا السماع عمد مولهوهم إلى حيات لهم معدة في الأكياس، فيستخرجونها ويقضمونها قضم الخيار، وتسيل دماؤها على أشداقهم، ثم ينفخونها على الناس يزعمون أن ذلك يستحيل في أفواههم زعفران وفاكهة، ورأيت منهم من يأكل الضفادع يعدها قبل السماع في عبه، فإذا قام الطابق أخرج واحدة وقضمها، ولا ينكر ذلك أحد
صفحة ٣١