الكاملين، والمنحرفين من المستقيمين، ويتوصل بذلك إلى سلوك الحق واجتناب الباطل، ويشكر الله تعالى على نعمه والعافية مما أبتلى به كثيرا من خلقه، وذلك بعد مطالعتي لرحلة سلمان الفارسي في سيرة النبي صلم، فرأيت رحلتي مناسبة من رحلته، فعلقت جملا منها، وإلى الله أرغب في النفع بذلك.
وهذا الفن من العلم حرام على من يريد به الوقيعة بين الناس، لنيل أغراضه الفاسدة ، أو الانتصار لهوى متبع . وهو مباح بل مستحب لمن يريد التوقي من التعثر في الورطات، والوقوع في المزلات، لا لمن يريد المعاياة والفرقة والمحاكاة فيتخذ ذلك فرجة وسمرا ، لا معرفة وعبرا ، فيكشف أستار الناس بلا نية صحيحة، والأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، والله الموفق للصواب.
فصل
أول ذلك أنه كان مولدي ومنشئي بين طائفة من الأحمدية، لأن أبي - عفا الله عنه - كان رئيسا من رؤسائهم ، ووزراء شيوخهم ، وكان مطاعا ، يقول بالنفع المتعدي، من قضاء حوائج الناس، وإطعام الطعام، ورد اللهفة، وذلك هو طريق الفقراء الأحمدية ، فمنهم من يعامل الله تعالى بذلك، ومنهم من يريد به إقامة رئاسته، وتحصيل قيامه ومادته، فما عرفت دين الإسلام، ولا فتحت عيني إلا بين قوم يتخذون الغناء شعارا، والرقص على القصب والكف قربة ودثارا، والاجتماع على الضيافات عادة وإلزاما، والاجتماع بالأجنبيات معروفا لا ينكر، ومحادثتهن ومسامرتهن مباحا لا يقبح.
لا يعرفون تحريم غض الأبصار عن [غير] المحارم ، ولا يفتشون على آداب الشريعة من الحدود والأخلاق والعزائم. قد أسكنوا شيوخهم في قلوبهم في محل العبادة، فإليهم يلجؤون في نوائبهم، وإياهم يذكرون عند نوازلهم. الشيخ في قومه كالنبي، بل ربما عظموه فوق تعظيم الأنبياء، من حط الرؤوس بالسجود ، وكشفها بين يديه، والاستجارة من سخطه وعقوباته الباطنة الغيبية. يعتقدون أنه يقول ما
صفحة ٣٠