دهرا طويلا.
فصل
ثم فتشت الحاصل الذي حصل لي من مجموع الطوائف، فلم أجدني انتفعت إلا بطائفتين - كما سبق - بالفقهاء من معرفة ما يحل ويحرم ، وأن الطاعة موجبة للثواب، والمعصية موجبة للعقاب، واعتقدت ذلك عقيدة، وذلك خير كثير، وانتفعت بطائفة الصوفية الإسكندرا نيين ، عرفت بهم المطلوب ، وصفة الصديقين ، والواصلين والمصطلمين، وذلك - أيضا - خير كثير ووجدت نفسي - كما سبق ذكره - قد والمحبين والمحبوبين وأحكام العبودية، وصفات المتوكلين والراضين، والزاهدين حصل لها الدرجة الأولى والعليا ، وهي عائزة ما بينهما من قواعد الدين وأصوله وتفاصيل الشريعة من الكتاب والسنة ، وأجد جميع ذلك العلم الظاهر ، والحال الباطن من الله ورسوله، في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
فصل
فلم أزل في هذا العوز حتى لطف الله تعالى بي، واجتمعت بطائفة بدمشق من الله تعالى علي بهم، فوجدتهم عارفين بأيام النبوة، والسير الصحابية، ومعاني التنزيل وأصول العقائد المستخرجة من الكتاب والسنة ، عارفين بأذواق السالكين وبداياتهم، وتفاصيل أحوالهم، يرونها من كمال الدين، لا يتم الدين إلا بها، ولا تشبه أنفاسهم أنفاس أهل العصر من فقهائهم وصوفيتهم، وما شبهت أنفاسهم إلا بأنفاس القرن الأول والثاني والثالث، في عصر الصحابة والتابعين وتابعيهم، وكأني - باجتماعي بهم، ورؤيتهم - وجدت أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، ووجدت التابعين كسعيد بن المسيب، والحسن البصري، والربيع بن خثيم، وثابت البناني، وأمثالهم وكأني وجدت - برؤيتهم - مالكا والشافعي والسفيانين والحمادين وابن المبارك، وإسحاق، وأحمد بن حنبل، وأقرانهم، ونظراءهم،
صفحة ٤٦