عنه كثيرا ، ولما حج رجع مع أخيه إلى تلمسان ، وكنت حين وردتها قد أقمت بها مدة منتظرا للركب ، فكنت آنس بابن خميس وأكثر مجالسته ومفاوضته ، وأعجبني ذهنه وحاله ؛ فإني وجدته [8 / آ] على حال انزواء وتقلل من الدنيا ، وفي أول ما اجتمعت به رأى في يدي كتابا فسألني عنه ، فقلت : هو (1) كتاب «الشمائل» (2) فاستظرف فعلي في إمساكه ، وقال لي : أخبرني الفقيه أبو عبد الله بن حمدون ، قال لي : أخبرني الفقيه أبو زيد بن القاضي بتونس أن أبا أبا محمد بن حوط الله (3) ورد على أبيه فأنزله بداره ، وكان يبيت في سريره ومعه خريطة لا يفارقها ، وكانت تفوح منها رائحة المسك ، قال : وكنت أهاب أن أسأله عما فيها ، فرقد ذات يوم فسقطت عن السرير ووقع منها كتاب «شمائل النبي» صلى الله عليه وسلم .
وقد أنشدني ابن خميس كثيرا من شعره ، فمن ذلك قوله من قصيدة (4): [الكامل]
ومن العجيبة أن أقيم ببلدة
يوما وأسلم من أذى جهالها (5)
صفحة ٥٤