206

كتاب الردة

محقق

يحيى الجبوري

الناشر

دار الغرب الإسلامي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

مكان النشر

بيروت

وَذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَكَ زِيَادًا قَتَلَ قَوْمِي ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، فَكَانَ مِنِّي مَا قَدْ عَلِمْتَ) . قَالَ:
فَوَثَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁، فَقَالَ: (يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﵌، هَذَا الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، قَدْ كَانَ مسلما وآمن بالنبي ﵌، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، وَحَجَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَغَيَّرَ وَبَدَّلَ، وَمَنَعَ الزكاة، وقد قال البني ﵌: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» [١]، وَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكَ فِيهِ، فَاقْتُلْهُ فَدَمُهُ حَلالٌ) . فَقَالَ الأَشْعَثُ: (يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي مَا غَيَّرْتُ وَلا بَدَّلْتُ وَلا شَحَحْتُ عَلَى مَالٍ، وَلَكِنَّ عَامِلَكَ زِيَادًا جَارَ عَلَى قَوْمِي، فَقَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ لا ذَنْبَ لَهُ، فَأَنِفْتُ لِذَلِكَ، وَانْتَصَرْتُ لِقَوْمِي فَقَاتَلْتُهُ، وَقَدْ كَانَ مِنِّي مَا قَدْ كَانَ، فَإِنِّي أَفْدِي نَفْسِي وَهَؤُلاءِ الْمُلُوكَ، وَأُطْلِقُ كُلَّ أَسِيرٍ فِي بِلادِ الْيَمَنِ وَأَكُونُ عَوْنًا لَكَ وَنَاصِرًا مَا بَقِيتُ، عَلَى أَنَّكَ تُزَوِّجَنِي أُمَّ فَرْوَةَ بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ [٢]، فَإِنِّي لَكَ نِعْمَ الصِّهْرِ، فَهَذَا خَيْرٌ مِمَّا يَقُولُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) .
قَالَ: فَأَطْرَقَ أَبُو بَكْرٍ ﵁، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: (إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ) .
قَالَ: ثُمَّ أَطْلَقَهُ أَبُو بَكْرٍ ﵁ مِنْ حَدِيدِهِ، وَأَطْلَقَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ مُلُوكِ كِنْدَةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَجَلَسَ، وَزَوَّجَهُ أَبُو بَكْرٍ/ ﵁ أخته [أم] فروة بنت [٤١ ب] أَبِي قُحَافَةَ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ غَايَةَ الإِحْسَانِ، وَكَانَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ ﵁ بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ وَأَرْفَعِهَا، وَيُقَالُ إِنَّ أُمَّ فَرْوَةَ بِنْتَ أَبِي قُحَافَةَ وَلَدَتْ مِنَ الأَشْعَثِ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ [٣]، وَإِسْحَاقَ بْنَ الأَشْعَثِ، وإسماعيل، فأما

[١] الحديث في البخاري: جهاد ١٤٩، اعتصام ٢٨، استتابة ٢، أبو داود: حدود ١، الترمذي:
حدود ٢٥، النسائي: تحريم ١٤، ابن ماجة: حدود ٢.
[٢] أم فروة بنت أبي قحافة التيمية أخت أبي بكر الصديق، ذكرها الدارقطني في كتاب الأخوة وقال: زوّجها أخوها الأشعث بن قيس، ولدت للأشعث محمدا وإسحاق وغيرهما. أمها هند بنت نفيل، ولها ذكر في فتح مكة حين فقدت طوقها، فقال لها أخوها: إن الأمانة في الناس اليوم قليلة.
(الإصابة ٨/ ٢٧٤، جمهرة النسب ص ٣٨٥، والكامل لابن الأثير ٢/ ٣٨٢) .
[٣] محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، قائد من أصحاب مصعب بن الزبير، شهد معه أكثر وقائعه، وكان هو وعبيد الله بن علي بن أبي طالب على مقدمة جيش مصعب في حربه مع

1 / 213