============================================================
ولكن معناها تغليب الخير على هذه القرون، وندرة الأخيار في القرون التالية التي يسودها اضطراب الفكر والرأي والسلوك، وللأخيار بين زمر الأشرار من الفضل ما للأخيار الذي حملوا أمانة تأسيس قواعد السلوك في عصور النور ، فلكل مكانه من التاريخ لا ينكره إلا جحود.
فالقرن الأول هو قرن التشريع وحفظ السنة قولا وفعلا وتركا وتقريرا عن السيد الكامل عين الأعيان سيدنا محمد ه ، حتى لقد أصبح حفظ الصحابي وععمله من أصول التشريع، لا يختلف في هذا المبدأ اثنان.
ومع التشريع كان الفتح، وكان تفرق الصحابة أعلام الهدى والنور في البلدان ال المفتوحة، إما ليعطروا بدمائهم الطاهرة ثرى البلاد المفتوحة في سبيل إعلاء كلمة اله، وتأصيل سنة النبي ، وإما لنشر العلم والتشريع، وتربية جيل من المعلمين المرشدين يجملون لواء الفكر من بعدهم عاليا على هامة الزمن.
ومما لا خلاف عليه أن كل صحابي كان يعلم ما عرف من السنة، ويقيم تعاليمه وأحكامه على أساس ما عرف، فكان مع بعضهم ناسخ ومع الآخر منسوخ، أو مع بعضهم عام، ومع الآخر خاص، أو مع بعضهم مطلق ومع الآخر مقيد، وهكذا كانت جوانب العظمة العديدة في شخصية الرسول الأعظم ه تكون عددا هائلا من المدارس الفكرية والتشريعية، تتلمذ فيها أعداد هائلة من نجوم اهدى من اصحابه الأكرمين رضوان الله تعالى عليهم، فكانوا بحق ينابيع معرفة، وأعلام هدى، وأصول علم تتطلب من يجمع عنهم، وينظم السنة المتلقاة منهم تنظيما زمنيا وأصوليا يضع الناسخ بعد المنسوخ، والمقيد بعد المطلق، والمخصص بعد العام.
وكانت تلك المهمة الشاقة هي مهمة علماء القرن الثافي ، حيث استقرت الدولة الاسلاءمية، وأحاط الحفاظ علما بالسنة. فلئن كان القرن الأول قرن الجمع والتشريع، فإن القرن الثاني هو قرن المقارنات والتنظيم.
ومن هنا كان القرن الثاني هو أغنى القرون وأثراها كيفا لا كما، إذ فيه وضعتا أصول العلوم الإسلامية، وبدأت تبرز في مجال الإسلام الفسيح شجرات العلوم
صفحة ٣