190

============================================================

المخلوقين) ويخالفها من الذم والملامة(2) ، هاج من النفس حب ما يوافقها من الحمد والثناء، ويغض ما يخالفها من الذم والملامة، هاجت تلك المعرفة بذلك عند تذكير العدو لها.

فإذا كان عبدأ عاقلا ذكر ما يرضى به الله عز وجل، من الاخلاص وما يسخطه من الرياء، وأنه محيط لعمله في يوم فقره وفاقته، فهاجت بذلك المعرفة، لما ذكر نفسه بالعلم الذي جعله الله عز وجل في قلبه ، إذا انفصل بعقله عرف. ما تستره ظلمة الجهل من ذكر الآخرة وذكر اطلاع الرب عز وجل .

وذلك كالعين تستمد للسراج، فتعرف ما وارته ظلمة البيت ، فبقي على علم وعمل على علم.

فإذا كان عبدا حازما جاهد بعقله وبما أعطاه الله عز وجل من العلم، ما عرض به العدو، وما هاج من شهوة النفس فكره وأبى.

باب معرفة ماينال به الحذر من الرياء قلت : قد تبين لي ان المعرفة والكراهة مع الاباء إذا اجتمعا انتفى الرياء، وأنه إنما ينال ذلك بنهيه نفسه بعقله، بما استودعه الله عز وجل من العلم بضرر عارض الرياء، ومنفعة رد الرياء عن قلبه في يوم فقره(3) ، وقد قلت : إنهما إذا افترقا لم ينتف الرياء ، فكيف لي باجتماعهما؟ ومن أين عزبت المعرفة عني (4) ؟ وبم ينال حتى لا تذهب المعرفة عن العبد عند عارض الرياء؟ ومن أين عزبت الكراهة بعد المعرفة فل م يستعملها، وبم ينال استتالها، قال : أما المعرفة فإنما عزبت من النسيان وزوال الذكر، والذكر إنما عزب (1) ما بين الحاصرتين: سقطت من ط (2) في ط: واللوم.

(3) أي : غابت.

(4) ساقطة من ط.

صفحة ١٨٩