159

============================================================

قال: أجل، لا غنى بك عن معرفته، وإلا لم تحسن أن تتقي ما لا تعلم (1) ولا تحذر ما لاتبصر ، وذلك شأن المريدين من قبلك أن يعلموا ما نهوا عنه ليدعوا على علم ومعرفة.

وما يدل على ذلك ما روي عن النبي اله أن رجلا سأله فقال : يا رسول الله " فيم النجاة" فقال: " ألا تعمل بما أمرك الله به تريد به الناس" (2) . فسأله عن نجاته في أعماله، فأخبره بترك الرياء.

وقال رجل: يا رسول الله، الرجل يقاتل في سبيل الله حمية، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فسأله عن الرياء إذ أشفق على عمله أن يحبط، فأراد أن يعرفه الرياء من الاخلاص، لينفيه على علمه به إذا عرض له (3) .

(1) في أ: أن تتقيه ما لم تعلمه.

(2) أخرجه: البخاري في صحيحه، الباب 77 من كتاب المغازي، والباب49 من كتاب مناقب الأنصار، والباب السادس من كتاب الفرائض، ومسلم في صحيحه، الحديث الخامس من كتاب الوصاية. وأبو داود في سننه ، الباب الثاني من كتاب الوصايا . والترمذي في سننه، الباب الأول من كتاب الوصايا.

(3) وأخص من ذلك قصة حنظلة الأسدي رضي الله عنه حين خرج مهموما فرآه أبو بكر رضي الله عنه فسأله عن . حاله فقال : نافق حنظلة، فقال : وما ذاك* قال : إنا نكون عند رسول الله فيصف لنا الجنة والنار كأنا نراهما رأي عين فإذا عدنا إلى أهلينا وداعبنا الأهل والولد نسينا . فقالا الصديق : والله إني لأجد ذلك.

فانطلقا إلى رسول الله ليسألاه فقال لل : " والله لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي الطرقات، ولكن يا حنظلة، ساعة وساعة، ساعة وساعة.

ومن هنا نرى دقة الصحابة رضوان الله عليهم في مراقبة خطراتهم، والعمل على إخلاص ارادتهم، والإسراع بكشف ما يجدون وعرضه على الرسول ، وهم الأعلون علما ومقاما وعبودية وصلاحا.

وحديث : "الرجل يقاتل في سبيل الله حمية"، أخرجه بعدة ألفاظ متقاربة : البخاري في صحيحه، الباب 45 من كتاب العلم، والباب العاشر من كتاب الخمس . ومسلم في صحيحه، الباب 149، 150، 151 من كتاب الإمارة. وأبو داود في سننه الباب الرابع من كتاب الجهاد . والنسائي في سننه الباب21 من كتاب الجهاد وأحمد في مسنده 416/1.

159

صفحة ١٥٨