136

============================================================

قلت : كيف إبهام الأجل حتى أتفكر فيه بمعرفة لتعظيم معرفتي بذلك قال : أما تعلم أن الموت ليس له وقت عند العبد معلوم، فيخاف في ذلك الوقتلا ويأمن (1) في سائر الأوقات، ليس ينزل بالعباد في الشتاء دون الصيف ، فيخاف من الشتاء ويأمن في الصيف، أو يحل بالعباد في الصيف فيأمن في الشتاء ، أو في شهر في السنة معلوم فيأمن في سائرها ، أو بالليل فيأمن بالنهار ، أو بالنهار فيأمن بالليل ، أوا بالغداة فيأمن بالعشي، أو بالعشي فيأمن بالغداة، أو في ساعة دون ساعة.

وليس له وقت من العمر معلوم، فيأخذ أبناء عشرين فيأمنه أبناء دون ذلكا أو يأخذ أبناء ثلاثين فيأمنه أبناء عشرين.

وليس له علة معلومة دون علة كالحمى أو البطن، أو الهدم أو الغرق، أو بعض الأسباب التي يكون فيها التلف.

فحق على العاقل العالم بأمر الله عز وجل، إن كان الموت ليس له وقت معلوم من العمر، ألا يأمنه في وقت من الأوقات ، وإذا كان ليس لنزوله وقت معلوم من العمر، ألا يأمنه ألا يأتيه في صغر أو كبر ، أو شباب أو هرم ، وإذا لم تكن له علة معلومة ألا يأمنه في صحة ولا سقم، ولا في حضر ولا في سفر ولا في مصر ولا في بدو، ولا في بر ولا في بجر.

فمتى ذكر (العبد) (2) الموت بفراغ قلبه من كل شيء إلا من ذكره ، إذ لاا وقت له ولا علة، ولا عمر معلوم، مع ذكره عظيم ما يأني به الموت من البشرى بعذاب الله، أو برحمة الله عز وجل، مع الاعتبار بالذين مضوا قبله ، ممن هم فوقه ودونه، وأشكاله وأمثاله، عظمت معرفته بالموت وفجأة الموت، وأنه نازل به كما نزل بمن مضى قبله لا محالة.

فإذا عظمت معرفته بذلك قصر آمله، فإذا قصر أمله حذر قلبه من الموت (1) في ط: يؤمن في الفقرة كلها.

(2) ما بين المعقوفين: سقطت من ط

صفحة ١٣٥