ولا بأس بالشاة اللبون بالطعام نقدا وإلى أجل، ولا تبالي أيهما عجل أو أخر الشاة والطعام. قال: ولا بأس بالشاة اللبون باللبن أو بالسمن أو بالجبن نقدا، أو لا يحل ذلك إلى أجل، وكذلك الدجاجة البيوض، لا بأس أن تباع بالبيض نقدا، ولا يحل ذلك إلى أجل، وإذا كان اللبن أو السمن أو الجبن هو المعجل، والشاة اللبون المؤخرة إلى أجل، فلا بأس بذلك، وقد استثقله مالك، إلا أني رأيت جماعة من لقيت يستخفونه، وهو بين إن شاء الله أن لا بأس به، لأن المزابنة لا تدخله إذا كان اللبن أو السمن أو الجبن هو المعجل، وإنما تدخله المزابنة إذا كانت الشاة اللبون هي المعجلة، واللبن أو السمن، أو الجبن مؤخرا، لأن اللبن والجبن والسمن تخرج من الشاة، والشاة لا تخرج منه، فهو كالذي قال: الأصل في بيع الكتان بثوب الكتان إلى أجل إن تعجل الكتان، وتأخر الثوب حرم، وإن تعجل الثوب وتأخر الكتان حل؛ لأن الثوب يخرج من الكتان، والكتان لا يخرج من الثوب وأصل ذلك؛ أن كل ما بيع بما يخرج منه فلا يحل، لأن المزابنة تدخله، وقد حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمزابنة باب من أبواب المخاطرة، والمخاطرة من القمار، والقمار باب من أبواب الميسر، الذي نهى الله عنه تبارك وتعالى في كتابه، ولا بأس بالشاة غير اللبون باللبن أو بالسمن أو بالجبن إلى أجل، ولا بأس بالدجاجة غير البيوض، بالبيض إلى أجل، ولا بأس بالشجرة غير الثمرة بالتمر إلى أجل، قرب الأجل في ذلك كله أو بعده، وإن صار للشاة لبن قبل الأجل، وللدجاجة بيض قبل الأجل، وللشجرة ثمرة قبل الأجل، فإن أصل البيع وقع على غير مزابنة.
قال: ولا خير في القديد، باللحم الغريض على حال، لا مثلا بمثل، ولا متفاضلا، ولا وزنا بوزن، ولا على التحري؛ لأنه وإن وزن دخله التفاضل، فحرم لذلك، وكذلك المشوي بالنيئ والمالح من الحيتان بالطري، وهو يدخل في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرطب بالتمر؛ لأن الرطب إذا جف نقص، ومثله ما وصفنا في الفريك بالقمح، والقمح المبلول بالجاف، والزبد بالسمن، والجبن الرطب باليابس، ورطب الثمار بيابسها، وأصل هذا كله؛ ما كان من جميع الأشياء كلها لا يحل إلا مثلا بمثل، ولا يحل رطبه بيابسه على حال؛ لأنه لا يستطيع أن يكون مثلا بمثل، لا بوزن ولا بتحري ولا بكيل فيما يكال منه.
قال: ولا خير في القديد بالقديد على حال، لأن يبسه مختلف.
قال: ولا خير في المشوي بالمشوي على حال، لأنه لا يعتل في سمنه.
صفحة ١٠١