قال: ومن باع عرضا ودراهم بدنانير عينا، فذلك جائز كانت الدراهم قليلة أو كثيرة في الدينار الواحد، إذا كان ذلك كله نقدا، فإن دخله الأجل فلا يصلح، إلا أن تكون الدراهم يسيرة، مثل الدرهمين أو الثلاثة، وما لا يشبه أن يكون صرف دينار أو جله على حال من الأحوال في حوالة الصرف وتصرفه، وإنما يجوز حين وقع الأجل فيه أن تتأخر الدراهم والدنانير جميعا، ويتعجل العرض فقط، وأما إن تعجلت الدراهم والدنانير جميعا، وتأخر العرض، فلا يجوز ذلك؛ لأن العرض مع الدراهم، كبعض الدراهم إذا صرفت وحدها بالدنانير، فتأخير العرض كتأخير بعض الدراهم، فكذلك إن تعجل العرض والدراهم، ويتأخر الدنانير، لا يحل ذلك أيضا، لا يحل منها إلا وجهان: أن يكون ذلك كله عاجلا، أو يكون العرض وحده عاجلا، وتتأخر الدراهم والدنانير جميعا، لأن فيها التصرف، وقد حدثني عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد أن صخر بن أبي غليظ حدثه أنه كان مع أبي سلمة بن عبد الرحمن فابتاع أبو سلمة ثوبا بدينار إلا درهما، فأعطاه أبو سلمة الدينار وقال: هلم الدرهم فقال: ليس عندي الآن حتى ترجع إلي، فألقى إليه أبو سلمة الثوب، وقبض الدينار منه وقال: "لا بيع بيني وبينك". قال: ومن ابتاع عرضا ودراهم معه بدينارين أو بدنانير، فذلك يتصرف إن كانت الدراهم التي مع العرض أقل من صرف دينار، فذلك جائز، ويكون سبيل تعجليه في تعجيل بعضه وتأخير بعضه، سبيل ما فسرت لك في الدينار الواحد في العرض والدراهم، وإن كانت الدراهم التي مع العرض كثيرة، تبلغ صرف دينار فصاعدا، فذلك مكروه؛ لأنه البيع والصرف، وقد كره اجتماعهما ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس وأكثر أصحابه، واستخف ذلك بعضهم، وكراهيته أخف عندنا، وبه نقول وليس بالحرام البين.
قال: ومن ابتاع عرضا ودراهم بدينار وتفرقوا، وقد استوفى كل واحد منهما من صاحبه الذي له، ثم وجد قابض الدينار ديناره رديئا، فإنه إن أراد رده وبدله لم يجز، ولكنه يرده إن شاء، وينتقض البيع كله، فيرجع عليه بدراهمه، وعرضه، إن كان ذلك يحدثانه لم يحل.
قال: العرض بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق أو طول زمان، وإن كان بعض ذلك قد دخله، رجع بدراهمه وقيمة عرضه يوم دفعه إليه، ولم يكن له أن يأخذه.
صفحة ٨٤