نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
قال الحافظ أبو عمرو الداني ١: معنى الأحرف التي أشار إليها النبي ﷺ هاهنا يتوجه إلى وجهين أحدهما: أن يعني أن القرآن أنزل على سبعة أوجه من اللغات لأن الأحرف جمع حرف في القليل كفلس وأفلس، والحرف قد يراد به الوجه بدليل قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ﴾ (الحج:١١)، فالمراد بالحرف هنا الوجه أي على النعمة والخير وإجابة السؤال والعافية فإذا استقامت له هذه الأحوال اطمأن وعَبَدَ الله وإذا تغيرت عليه وامتحنه بالشدة والضر ترك العبادة وكفر فهذا عَبَد الله على وجه واحد فلهذا سمى النبي ﷺ هذه الأوجه المختلفة من القراءات والمتغايرة من اللغات أحرفًا على معنى أن كل شيء منها وجه.
والوجه الثاني من معناها أن يكون سمى القراءات أحرفًا على طريق السعة كعادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه وما قاربه وجاوره وكان كسبب منه وتعلق به ضربًا من التعلق كتسميتهم الجملة باسم البعض منها، فلذلك سمى ﷺ القراءة حرفًا وإن كان كلامًا كثيرًا من أجل أن منها حرفًا قد غُير نظمه أو كُسر أو قُلب إلى غيره أو أُميل أو زِيد أو نُقص منه على ما جاء في المختلف فيه من القراءة فسمى القراءة إذ كان ذلك الحرف فيها حرفًا على عادة العرب في ذلك واعتمادًا على استعمالها.
_________
١ عثمان بن سعيد بن عثمان أبو عمرو الداني، ويقال له ابن الصيرفي، من موالي بني أمية، أحد حفاظ الحديث، ومن الأئمة في علم القرآن ورواياته وتفسيره منها التيسير في القراءات السبع، الأعلام ٤/٢٠٦.
1 / 37