نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الحادي عشر: تنبيه المسلمين من وقت لآخر لأخطائهم التي وقعوا فيها وكيفية تصحيحها، وتحذيرهم من عواقب المخالفة وبيان الامتنان عليهم بالنصر مع القلة، ولنقرأ ما قصه الله تعالى في سورة آل عمران بشأن غزوة بدر وأحد من الامتنان والتنبيه والتحذير، ففي غزوة أحد خالف الرُّماة نصيحة رسول الله ﷺ متأولين فكانت النتيجة أن أوتي المسلمون من جهتهم وأن شاعت الهزيمة بينهم وشُجَّ وجه النبي ﷺ وكسرت رُباعيته فأنزل الله تعالى الآيات محذرًا المخالفين ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: ١٥٢) ١.
وكذلك في غزوة حنين والأحزاب وغير ذلك كثير، ففي يوم حنين أعجب المسلمون بكثرتهم فكانت الهزيمة فقال تعالى لهم: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ (التوبة:٢٥-٢٦) وتعلم المسلمون من ذلك أن النصر ليس بالعدد والعُدَّة فحسب، وإنما هو من عند الله ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ (آل عمران:١٢٦) ٢.
_________
١ وانظر القصة في البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة أحد ص٨٣٢ ٤٠٤٣
٢ وانظر منهج الفرقان ٢٦، ٢٧.
1 / 27