نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
لذا أنزل القرآن مفرقًا فحصلت النتيجة المطلوبة وهي التغير في العادات من حسن إلى أحسن ومن شر إلى خير ومن تفرق في الكلمة إلى اتحاد واعتصام بحبل الله المتين فكانت خير الأمم.
تاسعًا: بيان بلاغة القرآن الكريم فقد نزل مفرقًا في ثلاثة وعشرين عامًا، وكلما نزلت آية أو آيات قال لهم الرسول ﷺ: (ضعوا هذه الآيات في موضع كذا من سورة كذا) ١ ومع ذلك فهو مترابط في الألفاظ والمعاني، حسن التنسيق، محكم النسج، دقيق السبك، متناسق الآيات والسور، متين الأسلوب، قوي الاتصال، لا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك كأنه عِقْدٌ فريد نظمت حباته بما لم يعهد له مثيل في كلام البشر ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ (هود:١) .
وكل ذلك فيه دلالة على أن القرآن مُنَزَّلٌ من الله تعالى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وأنه كلام الله تعالى ولا يمكن أن يكون كلام محمد ﷺ ولا كلام مخلوق سواه، وصدق الله إذ يقول: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (الفرقان:٦) .
عاشرًا: مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها فكانت تحدث حوادث لم يكن لها حكم معروف في الشريعة الإسلامية فيحتاج المسلمون إلى معرفة ذلك فتنزل الآية من الله ﵎ لحكم تلك الحوادث، ومن ذلك حادثة خولة بنت ثعلبة٢ حين ما جاءت إلى رسول الله ﷺ
_________
١ سيأتي تخريجه ص٤٧ في المبحث الثاني العناية بالقرآن كتابة.
٢ خولة بنت ثعلبة الأنصارية الخزرجية، صحابية، وهي التي ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت، فنزلت فيها سورة قد سمع، الإصابة ٤/٢٨٩، أسد الغابة ٥/٤٤٢.
1 / 25