نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
المبحث الثاني عن حِكَم نزول القرآن مفرقًا:-
لنزول القرآن مفرقًا على النبي ﷺ حِكَمٌ كثيرة تُعرف من الآيتين السابقتين وتُدرك بالعقل والاجتهاد أذكرها فيما يلي:-
أولا: تثبيت فؤاد النبي ﷺ وتطييب قلبه وخاطره، وإمداده بأسباب القوة والمجابهة أمام حملات المشركين ودسائس المنافقين، فتجديد الوحي يومًا بعد يوم وحالًا بعد حال يمثل لونًا من ألوان الرعاية الإلهية التي تمده بأسباب الثبات والْمُضِيِّ فيما اختاره الله تعالى له ١، وقد تولى الله الإجابة عن المشركين الذين قالوا: ﴿لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ (الفرقان:٣٢) ﴿كذلك﴾، أي أنزلناه كذلك مفرقًا – ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾، وكان للنزول المفرق أبلغ الأثر في مواساته وإزاحة معاني الغربة والضعف عن نفسه، وقد ثبت الله فؤاد المصطفى ﵊ في أشد المواقف وأحرجها، فانظر إلى قول أبي بكر فيما حكاه عنه الله تعالى: ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ (التوبة: ٤٠)، وما ذلك إلا من قوة يقينه ووثوقه بنصر الله تعالى مع ما يحيط به من الأعداء.
وهذه الحكمة من أجل الْحِكَم وأعظمها. ويندرج تحت تثبيت قلب النبي ﷺ أشياء كثيرة منها:-
_________
١ انظر علوم القرآن، مدخل إلى تفسير القرآن وبيان إعجازه ص٧٤، ٧٥.
1 / 14