جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية

ابن تيمية ت. 728 هجري
89

جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية

محقق

محمد عزير شمس

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

وأيضًا فإن المُحْوِجَ لهم إلى هذا التأويل ظنُّهم ظاهرَ هذا الحديثِ عقوبةَ هذا بذنبِ هذا، وليس كذلك. وأما الطائفة الثانية التي (^١) اعتقدتْ هذا ظاهرَه فجوَّزتْ أنّ الله يُعاقِب الإنسانَ بعمل غيرِه، وهؤلاء يقولون: إنّ أطفالَ المشركين يدخلون النارَ مع آبائهم، وهذا قول طائفة من أهل الحديث والفقه والكلام من أصحاب أحمد وغيرِه، ويقولون: إنَّ الله يَفعلُ ما يشاء ويحكم ما يريد، وإنه لا يُتصوَّر منه ظلمٌ أصلًا، فلا إشكالَ في الحديث أصلًا. ومن العجب أنه يَستشكلُه كثير ممن يقول بهذا الأصل، وإنما المخالف للقرآن أن تُحَطَّ سيئاتُ غيرِه بلا معاوضةٍ، وهذا ليس في الحديث. والذي عليه أكابرُ الصحابة والتابعين هو الصواب، فإنّ النبي ﷺ قال: "يُعذَّب"، ولم يقل: "يُعاقَب". والعذاب أعمُّ من العقاب، قال ﷺ: "السفرُ قطعةٌ من العذاب، يَمنَعُ أحدَكم طعامَه وشرابَه ونومَه، فإذا قضَى أحدُكم نَهْمتَه من سفرِه فليعجِّلْ بالرجوع إلى أهله" (^٢). وقد قال أيوب ﵇: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ﴾ [ص/ ٤١]، فالعذاب هو الآلام التي يُحدِثُها الله تعالى، تارةً يكون جزاءً على عملٍ فيكون عقابًا، وتارةً يكونُ تكفيرًا للسيئات، فإنه "ما يُصِيبُ المؤمنَ من وَصَبٍ ولا نَصَبٍ ولا هَمٍّ ولا حَزَنٍ ولا غمٍّ ولا أذًى إلّا كفَّر الله به من خطاياه". أخرجاهُ في الصحيحين (^٣) عن النبي ﷺ.

(^١) في الأصل: "الذين". (^٢) أخرجه البخاري (١٨٠٤، ٣٠٠١، ٥٤٢٩) ومسلم (١٩٢٧) عن أبي هريرة. (^٣) البخاري (٥٦٤١، ٥٦٤٢) ومسلم (٢٥٧٣) عن أبي سعيد وأبي هريرة.

1 / 70