بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو
الناشر
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٥هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
و" المتنطعون " هم " المتعمقون، الغالون، المتجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم " (١) .
ج - الأحاديث الدالة على التزام النبي ﷺ اليسر في أموره، وتيسيره على أمته: لقد امتن الله ﷿ على هذه الأمة بأن بعث فيهم رسولا، من صفاته أنه يعز عليه ما يعنت أمته، قال جل ثناؤه: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] (٢) ومعنى قوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨] أي تعز عليه مشقتكم - كما سلف - والناظر في سنة المصطفى ﷺ يرى بكل جلاء أنه ﷺ كان يتفادى كل ما يكون سببا لتكاليف قد تشق على المسلمين، وكان يتجنب أن يصنع شيئا تكون فيه مشقة على أمته إذا اقتدوا به فيه، فمن ذلك:
(١) حَدِيثُ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ. فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ. فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ
(١) شرح النووي على صحيح مسلم ١٦ / ٢٢٠. (٢) سورة التوبة / الآية ١٢٨.
1 / 90