بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو
الناشر
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٥هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وقد تتابعت كلمة المفسرين في أن وصف الأمة بالوسط، يراد به كونهم عدولا خيارا، ويدل عليه الأمور التالية:
١ - أن الله ﷾ وصف هذه الأمة في موضع آخر بالخيرية، فقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: ١١٠] (آل عمران: ١١٠) (١) .
٢ - أن هذا التفسير جاء فيه حديث صحيح مرفوع عن رسول الله ﷺ، عن أبي سعيد الخدري قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «يُجَاءُ بِنُوحٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ يَا رَبِّ. فَتُسْأَلُ أُمَّتُهُ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا جَاءَنَا مِنْ نَذِيرٍ. فَيَقُولُ: مَنْ شُهُودُكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيُجَاءُ بِكُمْ فَتَشْهَدُونَ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] قال: عدلا ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: ١٤٣]» (٢) .
٣ - أن هذا التفسير هو الذي يطابق السياق، فإن الله تعالى يقول: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣] فالمناسب لكونهم شهداء على الناس أن يثبت لهم وصف الخيرية والعدالة.
فأمة الإسلام جعلت أمة وسطا: عدلا خيارا؛ والعدل الخيار يتضمن الدلالة على كونهم بين الإفراط والتفريط.
_________
(١) أضواء البيان / المدني / (١ / ٧٥) .
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، الحديث رقم (٧٣٤٩) .
1 / 23