بحوث ومقالات في اللغة والأدب وتقويم النصوص (مقالات محمد أجمل الإصلاحي)
الناشر
دار الغرب الإسلامي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م.
مكان النشر
بيروت
تصانيف
مكانه لا ينازعه في رؤيته أحد".
فنرى أن بيان الحق زاد في كلام الخطابي قوله: "لا رؤية الأشخاص للأشخاص، ولا في جهة، ولا من جهة واحدة بل ... ". ثم قال في آخر شرحه: "وقد تكون الرؤية بمعنى العلم، كقوله تعالى: ﴿وأرنا مناسكنا﴾ وكقول حطائط:
أريني جوادًا مات هزلًا لعلني ... أرى ما ترين أو بخيلًا مخلدا
وما أحق ما قال علي ﵁: "إذا حدثتم عن رسول الله فظنّوا به الذي هو أتقى، والذي هو أهيا، والذي هو أهدى". وحدث الدوري عن أبي عبيد: نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني" (١).
قلت: وما ذكره من احتمال أن يكون الرؤية في الحديث المذكور بمعنى العلم، فلا وجه له، وهو باطل قطعًا، ويردّه سياق الحديث نفسه. ومذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة في عرصة القيامة، وبعدما يدخلون الجنة. يرونه بالأبصار عيانًا كما يرى القمر ليلة البدر صحوًا (٢).
وكذلك لما نقل عن أبي عبيد حديث أبي رزين العقيلي "قال يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض، فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء" فسّره بقوله: "العماء: السحاب الرقيق. فأراد: أين كان عرش ربنا فحذف المضاف. قال الله تعالى: ﴿وكان عرشه على الماء﴾ (هود: ٧)، والسحاب يقلّ الماء فكنى عنه بالماء". ثم نقل رواية "في عمى" مقصورًا وفسّرها ثم قال: "وأبو عبيد ﵀ لم يزد في الحديث على أنه لا يدري كيف
_________
(١) جمل الغرائب: ٢١.
(٢) انظر مجموع الفتاوى ٦: ٤٨٥، وحادي الأرواح: ٤٧٦.
1 / 65