الفوضى الدينية وتعدد الزوجات - ضمن «آثار المعلمي»
محقق
محمد عزير شمس
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٤ هـ
تصانيف
وأخفُّهم ذنبًا مَن يكون قليل المعرفة بالدين، قاصر النظر في مصالح العباد، ضعيف الباه، فينظر هذا إلى ما في تعدد الزوجات من النقائص، ولا يلتفت إلى ما في منعه من المفاسد.
تعدد الزوجات في الدين:
جواز التعدد معلوم من دين الإسلام بالضرورة، ولكن أثار بعض المتأخرين شبهة، وهي أن الله ﷿ قال: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣]، وقال في موضع آخر: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [النساء: ١٢٩].
فالآية الأولى ألزمت المسلم إذا خاف عدمَ العدل أن يقتصر على واحدةٍ. وعُلِم بالآية الثانية أن كلَّ مسلم مصدِّقٍ بخبر الله ﷿ يعلم أنه لا يستطيع العدل، فأنَّى يتصور أن لا يخاف عدم العدل؟
والجواب عن ذلك أنه لو فرِض صحةُ دلالة الآيتين على المنع لم يجز العمل بهذه الدلالة، لِما تواتر قطعًا أن أصحاب النبي ﵌ كانوا يجمعون مثنى وثلاث ورباع بعد نزول الآية، مع علمه ﵌ وإقراره، ثم لم يزل العمل على ذلك إلى الآن، وأطبقت عليه الأمة، ولم يخالف في ذلك أحدٌ البتةَ. وهذا المعنى حجة قطعية لا يخدِش فيه ظاهرُ القرآن.
مع أن الصواب أن ظاهر القرآن لا يدل على المنع، بل يدلُّ على الجواز، ودونك البيان:
قال الله ﷿: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ
18 / 539