اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة - عبد العزيز آل الشيخ
الناشر
عمادة البحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،الرياض
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١١هـ/١٩٩١م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
إذا عرف هذا فمعلوم ما عمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها الإشراك بالله والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسماوات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور وذبح القربان، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد وجلب الفوائد، إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله، وصرف شيء من أنواع العبادة كصرفها جميعها.. وأخبر تعالى أن من جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك بهم، وذلك أن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ ١ فلا يشفع عنده أحد إلا بأذنه.. قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ ٢ الآية.
والرسول محمد ﷺ لا يشفع إلا بإذن الله، لا يشفع ابتداء بل يأتي فيخر ساجدًا فيحمده بمحامد يعلمه إياها ثم يقال - ارفع رأسك وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع. ثم يحد لهم حدًا فيدخلهم الجنة فكيف بغيره من الأنبياء والأولياء؟! وهذا الذي ذكرناه لا يخالف فيه أحد من علماء المسلمين. بل قد أجمع عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم ممن سلك سبيلهم ودرج على منهجهم. وقد حذر ﷺ من حوادث الأمور، فقال ﷺ: "لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتى الأوثان" ٣ وهو ﷺ حمى جانب التوحيد أعظم حماية، وسد كل طريق يوصل إلى الشرك، فنهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه. ولهذا قال غير واحد من العلماء يجب هدم القبب المبنية على القبور؛ لأنها أسست على معصية الرسول ﷺ.
فهذا الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس، وهو الذي ندعو الناس إليه ونقاتلهم عليه بعد ما نقيم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة، ممتثلين لقوله ﷾:
_________
١ سورة الزمر آية: ٤٤.
٢ سورة البقرة آية: ٢٥٥.
٣ الترمذي: الفتن (٢٢١٩)، وأبو داود: الفتن والملاحم (٤٢٥٢)، وأحمد (٥/٢٧٨) .
1 / 199