الرد على من ينكر حجية السنة

عبد الغني عبد الخالق ت. 1403 هجري
98

الرد على من ينكر حجية السنة

الناشر

مكتبة السنة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٨٩ م

تصانيف

ثم إنه ورد في بعض طرقه عن أبي هريرة مرفوعا أنه ﷺ قال: «إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ عَنِّي أَحَادِيثٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا [جَاءَكُمْ] مُوَافِقًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِسُنَّتِي فَهُوَ مِنِّي، وَمَا [جَاءَكُمْ] مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». وهذه الرواية - وإن كانت ضعيفة اَيْضًا - ليست أضعف من غيرها وهي - كما ترى - لنا لا علينا. ومما يدل على أن الخبر موضوع أنه صح عنه ﷺ أنه قال: «لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ الأَمْرُ مِنْ أَمْرِي، مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِى كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ». قال الشافعي - في " الرسالة " - بعد أن روي هذا الحديث: «فقد ضيق رسول الله على الناس أن يردوا أمره. بفرض الله عليهم اتباع أمره». ... وعلى تسليم صحة خبر العرض فلا نعتقد أن أحدًا من المسلمين، يذهب إلى أن معنى الحديث: «أن ما يصدر عن رسول الله على نوعين: ما يوافق الكتاب - وهذا يعمل به - وما يخالفه. وهذا يرد». ألا ترى قوله - في الرواية المذكورة - «فَهُوَ عَنِّي». بالنسبة للأول وقوله: «فَلَيْسَ عَنِّي». بالنسبة للثاني وقوله في بعض الروايات التي رواها ابن حزم: «وَمَا لِرَسُولِ اللهِ ﷺ حَتَّى يَقُولَ مَا لاَ يُوَافِقُ القُرْآنَ، وَبِالقُرْآنِ هَدَاهُ اللهُ!؟». وكيف يكون هذا معنى الحديث ورسول الله ﷺ معصوم - بالاتفاق - عن أن يصدر عنه ما يخالف القرآن، وهو أبلغ الناس حفظًا، وأعظمهم لآياته تدبرًا، وأكثرهم لها ذِكْرًا؟ وقد قال تعالى: ﴿قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ (١) فكل مسلم يعتقد أن كل ما يصدر عنه ﷺ لا يخالف القرآن.

(١) [سورة يونس، الآية: ١٥].

1 / 492