الرد على من ينكر حجية السنة

عبد الغني عبد الخالق ت. 1403 هجري
85

الرد على من ينكر حجية السنة

الناشر

مكتبة السنة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٨٩ م

تصانيف

وهذا عبد الله بن مسعود يحتج بحديث: «لَعَنَ اللَّهُ ... وَالوَاشِمَةَ» ويحدث عثمان بحديث رسول الله فيما رواه أبو داود عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِنِّي لأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ فَاسْتَخْلاَهُ. فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ، أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَالَ لِي: تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ. فَجِئْتُ فَقَالَ لَهُ: عُثْمَانُ أَلاَ نُزَوِّجُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِجَارِيَةٍ بِكْرٍ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». وهذا أبو هريرة يمدحه ابن عمر ويقول له: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ الله ﷺ وَأَعْرَفُنَا بِحَدِيثِهِ». ويترحم عليه في جنازته ويقول: «كَانَ يَحْفَظُ عَلَى المُسْلِمِينَ حَدِيثَ نَبِيِّهِمْ ﷺ». ويروي البخاري في " التاريخ " والبيهقي في " المدخل " عن مُحَمَّدٍ بْنَ عُمَارَة [بْن عَمْرُو] بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ قَعَدَ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ مَشْيَخَة مِنْ الصَّحَابَة بِضْعَة عَشَر رَجُلًا، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَة يُحَدِّثهُمْ عَنْ رَسُول اللهِ ﷺ بِالحَدِيثِ فَلاَ يَعْرِفهُ بَعْضهمْ، فَيُرَاجِعُونَ فِيهِ حَتَّى يَعْرِفُوهُ، ثُمَّ يُحَدِّثهُمْ بِالْحَدِيثِ كَذَلِكَ حَتَّى فَعَلَ مِرَارًا. [يَقُولُ مُحَمَّدٌ]: «فَعَرَفْت يَوْمَئِذٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَة أَحْفَظ النَّاس». ويقول - فيما يرويه البخاري: «إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَلَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، [ثُمَّ يَتْلُو قَوْلَهُ تَعَالَى]: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ، إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (١) إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ وَيَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ». ويجلس إلى جنب حجرة عائشة يتلو الحديث ويقول (٢): «اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ». وهذا أبو ذر يقول: «لَوْ وَضَعْتُمْ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ

(١) [سورة البقرة، الآيتان: ١٥٩، ١٦٠]. (٢) كما في " سنن أبي داود ": ج ٣ ص ٣٢٠.

1 / 479