الرد على من ينكر حجية السنة
الناشر
مكتبة السنة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٨٩ م
تصانيف
مرض موته ﷺ. ويبعد جِدًّا أن يكون حديث أبي سعيد قد تأخر عن هذه الأحاديث كلها خصوصًا حديث الهَمِّ. ولو كان متأخرًا عنها لعرف ذلك عند الصحابة يقينًا صريحًا.
الثالث: إجماع الأمة القطعي بعد عصر الصحابة والتابعين على الإذن وإباحة الكتابة وعلى أن الإذن متأخر عن النهي. كما سنبينه. وهو إجماع ثابت بالتواتر العملي عن كل طوائف الأمة بعد الصدر الأول (١). حتى ممن كان يقول في عصرنا هذا بأن النهي ناسخ للإذن فإنا نجده قد ملأ الصحف بالحديث عن رسول الله ﷺ.
...
الكَلاَمُ عَلَى كِتَابَةِ السُنَّةِ وَتَدْوِينِهَا فِي عَهْدِ الصَّحَابَةِ:
فإن قيل: بقي علينا أن ننظر فيما كان عليه الصحابة والتابعون- ﵃ بعد وفاة النبي ﷺ: من امتناعهم عن كتابة السُنَّةِ وتدوينها، ومنعهم الغير من ذلك وإحراقهم ما كتب منها، واستدلالهم على ذلك كله بنهيه ﷺ عن كتابتها. أفلا يدلنا ذلك كله على عدم حُجِّيَّةِ السُنَّةِ، وعلى أن نهيه ﷺ كان متأخرًا عن الإذن وناسخًا له؟ وإلا لعملوا بمقتضى الإذن:
قلنا: إنهم يكونوا مجمعين على هذه الأمور المذكورة. فقد كان أكثرهم يبيح الكتابة (٢) ويحتفظ بالمكتوب منها والبعض يكتب بالفعل (٣).
وإليك ما ورد في ذلك من الآثار:
لما وجه أبو بكر الصديق أنس بن مالك إلى البحرين عاملًا على الصدقة كتب
(١) كما قال الأستاذ أحمد شاكر في " شرح الباعث الحثيث ": ص ١٥٩. (٢) كما نقله العيني: ج ٢ ص ١٦٧ عن القاضي عياض. (٣) كما حققه الدارمي في " النقض ": ص ١٣٠ - ١٣٢.
1 / 463