الرد على من ينكر حجية السنة

عبد الغني عبد الخالق ت. 1403 هجري
104

الرد على من ينكر حجية السنة

الناشر

مكتبة السنة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٩٨٩ م

تصانيف

وجعل حكمي فيها مخالفًا لحكمهم، ولا يعترض علي معترض فيقول: لم يفعل رسول الله ﷺ كذا، ويحرمه علينا؟ ولم يمنع نفسه من كذا، ويبيحه لنا؟ أو لاَ يَقِسْ أحد نفسه عَلَيَّ في شيء من ذلك: فإني لم أحل لي أولهم، أو أحرم عَلَيَّ أو عليهم شيئًا من نفسي، ولم أفرق بيني وبينهم، وإنما الحاكم في ذلك كله هو الله تعالى: فهو الذي سوى بيني وبينهم في بعض الأحكام، وهو الذي فَرَّقَ بيني وبينهم في بعضها الآخر. قال الشافعي (١) - بعد أن روى حديث طاوس -: «هَذَا مُنْقَطِعٌ، وَنَحْنُ نَعْرِفُ فِقْهَ طَاوُسٍ وَلَوْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى مَا وَصَفْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ «لاَ يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ» وَلَمْ يَقُلْ لاَ تُمْسِكُوا عَنِّي بَلْ قَدْ أَمَرَ أَنْ يُمْسَكَ عَنْهُ وَأَمَرَ اللَّهُ ﷿ بِذَلِكَ». أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «لاَ أَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الأَمْرَ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ فَيَقُولُ: مَا نَدْرِي. [هَذَا] وَمَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ [﷿] اتَّبَعْنَاهُ». وَقَدْ أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ مَا أَمَرَنَا، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَفَرَضَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ عَلَى خَلِيقَتِهِ وَمَا فِي أَيْدِي النَّاس مِنْ هَذَا إلاَّ تَمَسَّكُوا بِهِ عَنْ اللَّهِ ﵎، ثُمَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ عَنْ دَلاَلَتِهِ». ولكن قوله - إن كان قاله -: «لاَ يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَىَّ بِشَىْءٍ». يدل على أن رسول الله ﷺ إذ كان بموضع القدوة: فقد كان له خواص أبيح له فيها ما لم يبح للناس، وحرم عليه منها ما لم يحرم على الناس - فقال: «لاَ يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَىَّ بِشَىْءٍ» من الذي لي أو عَلَيَّ دونهم، فإن كان عَلَيَّأو لي دونهم: لا يمسكن به». اهـ. ...

(١) في " جماع العلم ": ص ١١٣ - ١١٥.

1 / 498