الرد على من ينكر حجية السنة
الناشر
مكتبة السنة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٩٨٩ م
تصانيف
به، والعمل بمقتضاه، واتهام عقولنا.
قال ابن عبد البر: وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَيَّارٍ يَقُولُ: «بَلَغَنِي وَأَنَا حَدَثٌ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ «نَهَى عَنِ اخْتِنَاثِ فَمِ الْقِرْبَةِ وَالشُّرْبِ مِنْهُ» قَالَ: فَكُنْتُ أَقُولُ: إِنَّ لِهَذَا الْحَدِيثِ لَشَأْنًا وَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ هَذَا النَّهْيُ؟ فَلَمَّا قِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلًا شَرِبَ مِنْ فَمِ قِرْبَةٍ فَوَكَعَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ، وَإِنَّ الحَيَّاتِ والأَفَاعِي تَدْخُلُ فِي أَفْوَاهِ الْقِرَبِ عَلِمْتُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لاَ أَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ مِنَ الحَدِيثِ أَنَّ لَهُ مَذْهَبًا وَإِنْ جَهِلْتُهُ».
وروى ابن عبد البر عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [قَالَ]: قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، «ثَلاَثٌ أَنَا فِيهِنَّ رَجُلٌ، [يَعْنِي] كَمَا يَنْبَغِي، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَأَنَا رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا قَطُّ إِلاَّ عَلِمْتُ أَنَّهُ حَقٌّ مِنَ اللَّهِ، وَلاَ كُنْتُ فِي صَلاَةٍ قَطُّ فَشَغَلْتُ نَفْسِي بِغَيْرِهَا حَتَّى أقْضِيَهَا وَلاَ كُنْتُ فِي جِنَازَةٍ قَطُّ فَحَدَّثْتُ نَفْسِي بِغَيْرِ مَا تَقُولُ وَيُقَالُ لَهَا حَتَّى أَنْصَرِفَ عَنْهَا». قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: «هَذِهِ الْخِصَالُ مَا كُنْتُ أَحْسَبُهَا إِلاَّ فِي نَبِيٍّ».
...
وأما حديث طاوس: فهو منقطع في كلتا روايته، كما قال الشافعي والبيهقي وابن حزم. وقد رواه من غير طريق طاوس.
ولو فرضنا صحته: فليس - في الرواية الأولى - دلالة على عدم حُجِّيَّةَ السُنَّةِ، ولا على أنه ﷺ لا يأتي إلا بما في الكتاب: من تحليل أو تحريم.
فإنه ليس المراد من الكتاب: القرآن، بل المراد به - كما قال البيهقي - ما أوحي إليه، ثم ما أوحي إليه نوعان: (أحدهما): وحي يتلى. (والآخر): وحي لا يتلى.
والذي حملنا على هذا التأويل والتجوز، نحو قوله ﷺ: «لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ
1 / 496