78

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

محقق

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

الناشر

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

القاهرة - مصر

تصانيف

أَحَدًا ادَّعَاهُ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَةِ. فَقَالَ: هَذَا تَأْكِيدٌ لِلْخَلْقِ، لَا لِلْيَدِ؛ كَقَوْلِ الله: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ [البقرة: ١٩٦]. فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي سَلَبَ اللهُ عَقْلَهُ وَأكْثَرَ جَهْلَهُ: نعم هُوَ تَأْكِيدٌ لِلْيَدَيْنِ كَمَا قُلْنَا، لَا تَأْكِيدُ الخَلْقِ كَمَا أَنَّ قَوْلَه: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾ تَأْكِيدُ العَدَدِ لَا تَأْكِيدُ الصِّيَامِ؛ لِأَنَّ العَدَدَ غَيْرُ الصِّيَامِ، وَيَدَ اللهِ غَيْرُ آدَمَ، فَأَكَّدَ الله لِآدَمَ الفَضِيلَةَ الَّتِي كَرَّمَهُ وَشَرَّفَهُ بِهَا، وَآثَرَهُ عَلَى جَمِيعِ عِبَادِهِ؛ إِذْ كُلُّ عِبَادِهِ، خَلَقَهُمْ بِغَيْرِ مَسِيسٍ بِيَدٍ، وَخَلَقَ آدَمَ بِمَسِيسٍ، فَهَذِهِ عَلَيْكَ لَا لَكَ، وَقَدْ أَخَذْنَا فَالَكَ مِنْ فِيكَ مُحْتَجِّينَ بِهَا عَلَيْكَ كَالشَّاةِ الَّتِي تَحْمِلُ حَتْفَهَا بِأَظْلَافِهَا. فَإِنْ أَجَابَ المَرِيسِيُّ أَعْلَمْنَاهُ تَأْكِيدَ الخَلْقِ -إِذْ كَانَ بِهِ جَاهِلا- وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٨٨] وَ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ﴾ [السجدة:٧ - ٩] [٩/ظ] الآيَةَ، وَقَوْلُهُ ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ﴾ [غافر: ٦٧] الآيَة ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [غافر: ٦٤]، ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)﴾ [التين: ٤]، ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤)﴾ [المؤمنون: ١٢ - ١٤]، فَهَذَا تَأْكِيدُ الخَلْقِ وتَفْسِيرُهُ، لَا مَا ادَّعَى الجَاهِلُ. وَقَوْلُهُ لِإِبْلِيسَ: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ تَأْكِيدُ يَدَيْهِ لَا تَأْكِيدُ خَلْقِ آدَمَ، وَمَا كَانَ حَاجَةُ إِبْلِيسَ إِلَى أَنْ يُؤَكِّدَ اللهُ لَهُ خَلْقَ آدَمَ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ الخَلْقِ بِآدَمَ؟ رَآهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوح طِينًا مُصَوَّرًا مَطْرُوحًا بِالأَرْضِ، ثُمَّ رَآهُ بَعْدَمَا نُفِخَ

1 / 80