240

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

محقق

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

الناشر

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

مكان النشر

القاهرة - مصر

تصانيف

فَمَا تَصْنَعُ بِهَذِهِ العَمَايَاتِ وَالأُغْلُوطَاتِ الَّتِي لَا تُجْدِي عَلَيْكَ شَيْئًا؟
فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ طَلَبُ العِلْمِ وَالآثَارِ بِخُرَافَاتِكَ هَذِهِ، وَلَوْ كَانَ المَذْهَبُ فِيهِ مَا تَأَوَّلْتَ؛ لَحَرُمَ طَلَبُ العِلْمِ عَلَى أَهْلِهِ، وَلَكَانَ يَدُلُّ قَوْلُ رَسُولِ الله ﷺ: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»: أَنَّ تَرْكَهُ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ: «تَضَعُ المَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضًا بِمَا يطْلب»: أَنَّهَا تَضَعُهُمَا سَخَطًا بِمَا يَطْلُبُ، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ: «يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ العِلْمِ كُلُّ شَيْءٍ حَتَّى الحُوتُ فِي البَحْرِ»: أَنَّهَا تَلْعَنُهُ وَتَدْعُو عَلَيْهِ.
فَيَنْقَلِبُ فِي دَعْوَاكَ مَعَانِي الحَقِّ إِلَى البَاطِلِ، وَالمَعْرُوفِ إِلَى المُنْكَرِ، وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ لَمْ يَعْنِ بِطَلَبِ العِلْمِ عَمَايَاتِ أَصْحَابِ الكَلَامِ وَأَهْلِ المَقَايِيسِ، وَلَكِنْ عَنَى بِهِ مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ.
أوَ لَيْسَ قَدِ ادَّعَيْتَ أَنَّ الزَّنَادِقَةَ قَدْ وَضَعُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ حَدِيثٍ دَلَّسُوهَا عَلَى المُحَدِّثِينَ؟ فَدُونَكَ أَيُّهَا النَّاقِدُ البَصِيرُ الفَارِسُ النِّحْرِيرُ فَأَوْجِدْونَا مِنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ حَدِيثًا، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَلِمَ تُهَجِّنُ العِلْمَ وَالدِّينَ فِي أَعْيُنِ الجُهَّالِ بِخُرَافَاتِكَ هَذِهِ؟ لِأَنَّ هَذَا الحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ دِينُ الله بَعْدَ القُرْآنِ، وَأَصْلُ كُلِّ فِقْهٍ، فَمَنْ طَعَنَ فِيهِ؛ فَإِنَّمَا يَطْعُنُ فِي دِينِ الله تَعَالَى.
أَو لم تَسْمَعْ قَوْلَ رَسُولِ الله ﷺ أَنَّهُ جَعَلَ حَدِيثَهُ أَصْلَ الفَقْهِ؛ فَقَالَ:
«نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، فرُبَّ حَامل فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ».
فَجَعَلَ رَسُولُ الله ﷺ أَصْلَ الفَقْهِ كُلِّهِ بَعْدَ القُرْآنِ حَدِيثَهُ الَّذِي تَدْفَعُهُ أَنْتَ وَإِمَامُكَ المَرِيسِيُّ.

1 / 242