نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
محقق
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
الناشر
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
أَمْسِكُوا عَنِ الخَوْضِ فِيهِ مَا لَمْ يُنَصِّبِ القَوْمُ الكُفْرَ إِمَامًا، فَإِذَا نَصَّبُوهُ إِمَامًا فَمَنْ يَعْقِلُ تَدْلِيسَهُمْ وَتَمْوِيهَهُمْ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَى أَهْلِ الإِسْلَامِ بِبَعْضِ مَنْ نَاقَضَهُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ كُفْرَهُمْ وَضَلَالَهُمْ.
فَالمُبْتَدِعُ الضَّالُّ مِنَ الحِزْبَيْنِ مَنْ نَصَّبَ رَأْيَ جَهْمٍ إِمَامًا، وأَذَاعَهُ فِي
النَّاسِ بَدْءًا، وَالمُتَّبِعُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَنَاقَضَهُ.
فَمَنْ أَجْرَى النَّاقِضَ لِلْبِدْعَةِ وَالرّاَدَّ لِلْكُفْرِ مَجْرَى مَنْ شَرَعَهَا؛ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقَ اللهُ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللهُ. وَلَيْسَ بِأَهْلٍ أَنْ يُسْمَعَ مِنْهُ وَيُقْبَلَ.
أَوَ طَمِعْتُمْ مَعْشَرَ الجَهْمِيَّةِ وَالوَاقِفَةِ أَنْ تُنَصِّبُوا الكُفْرَ للنَّاس إِمَامًا تَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ. وَيَسْكُتُوا أَهْلُ السُّنَّةِ عَنِ الإِنْكَارِ عَلَيْكُمْ، حَتَّى يَتَرَوَّجَ عَلَى النَّاسِ ضَلَالُكُمْ بِمَا حَكَيْتُمْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَأَبِي أُسَامَةَ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ-إِنْ صَدَقَتْ دَعْوَاكُمْ- حَتَّى تَضْمَحِلَّ مَذَاهِبُ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَتَسْتَفِيضَ مَذَاهِبُ الجَهْمِيَّةِ فِي العَامَّةِ؟ لَقَدْ أَسَأْتُمْ بِأَهْلِ السُّنَّةِ الظَّنَّ، وَنَسَبْتُمُوهُمْ إِلَى العَجْزِ وَالوَهَنِ.
وَإِنْ يَكُ أَبُو أُسَامَةَ وَأَبُو بَكْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ جَبُنُوا عَنِ الخَوْضِ فِيهِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ يُخَاضُ فِيهِ فِي عَصْرِهِمْ، فَقَدْ جَسَرَ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُمْ؛ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَمَّا مَا ادَّعَيْتَ عَلَى أَبِي يُوسُفَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ، لَمْ يَقُمْ لَكَ بِهِ حُجَّةٌ فَكَيْفَ إِذَا لَمْ نَسْمَعْهُ؛ لِأَنَّهُ المَعْرُوف فِي دِينِهِ، المَأْبُونُ فِي رِوَايَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْهُ بِذَلِكَ فَسَمِّ رَجُلًا صَالِحًا رَضِيَ بِالثَّلْجِيِّ فِي الفُتْيَا وَالرِّوَايَةِ إِمَامًا، أَوْ رَضِيَ بِهِ فِي السُّنَّةِ نِظَامًا، أَوْ رَوَى عَنْهُ شَيْئًا، أَوْ حَمِدَ لَهُ مَذْهَبًا. فَإِنْ كُنْتَ مُحْتَجًّا بِحَقٍّ فَعَلَيْكَ بِغَيْرِ ابْنِ الثَّلْجِيِّ وَنُظَرَائِهِ، كَمَنْ رَوَيْنَا عَنْهُمْ مِنْ أَعْلَامِ النَّاسِ وَأَئِمَّتِهِمْ. وَلَكِنَّ الغَرِقَ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ عُودٍ.
1 / 207