نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
محقق
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
الناشر
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
الخَلِيفَةِ المُنكِرُ لذَلِك، فاسْتَتَرُوا بِالوَقْفِ مِنْ مَحْضِ التَّجَهُّمِ، إِذْ لم يكن يَجُوزُ مِنْ إِظْهَارِهِ مَعَ المُتَوَكِّلِ ما كان يَجُوزُ لَهُمْ مَعَ مَنْ قَبْلَهُ.
فَانْتَدَبُوا طَاعِنِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ التجهم ودَانَ بِأَنَّ كَلَامَ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَانْتَدَبَ هَؤُلَاءِ الوَاقِفَةُ مُنَافِحِينَ عَنِ الجَهْمِيَّةِ، مُحْتَجِّينَ لِمَذَاهِبِهِمْ بِالتَّمْوِيهِ وَالتَّدْلِيسِ، مُنْتَفِينَ فِي الظَّاهِرِ مِنْ بَعْضِ كَلَامِ الجَهْمِيَّةِ، مُتَابِعِينَ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ في البَاطِنِ، مُمَوِّهِينَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالسُّفَهَاءِ بِمَا حَكَيْتَ عَنْهُمْ أَيهَا المُعَارِضُ: أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ، وَأَبَا مُعَاوِيَةَ، وَبَعْضَ نُظَرَائِهِمْ كَرِهُوا الخَوْضَ فِي المَخْلُوقِ وَغَيْرِ المَخْلُوقِ.
فَقُلْنَا لَكَ أَيُّهَا المُعَارِضُ (١): إِنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الخَوْضَ مِنْ هَؤُلَاءِ المَشَايِخِ -إِنْ صَحَّتْ عَنْهُم رِوَايَتُكَ- لمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَخُوضُ فِيهِ إِلَّا شِرْذِمَةٌ أَذِلَّةٌ سِرًّا بِمُنَاجَاةٍ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا العَامَّةُ مُتَمَسِّكُونَ مِنْهُمْ بالسُّنَن الأُولَى، والأَمْرِ الأَوَّلِ.
فَكَرِهَ القَوْمُ الخَوْضَ فِيهِ؛ إِذْ لم يَكُنْ يُخَاضُ فِيهَا عَلَانِيَةً، وَقَدْ أَصَابُوا فِي تَرْكِ الخَوْضِ فِيهِ، إِذْ لَمْ يُعْلَنْ.
فَلَمَّا أَعْلَنُوهُ بِقُوَّةِ السُّلْطَانِ، وَدَعَوُا العَامَّةَ إِلَيْهِ بِالسُّيُوفِ وَالسِّيَاطِ، وَادَّعَوْا أَن كَلَامَ اللهِ مَخْلُوقٌ، أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَنْ غَبَرَ مِنَ العُلَمَاءِ وَبَقِيَ مِنَ الفُقَهَاءِ، فَكَذَّبُوهُمْ وَكَفَّرُوهُمْ وَحَذَّرُوا النَّاسَ أَمْرَهُمْ، وَفَسَّرُوا مُرَادَهُمْ مِنْ ذَلِكَ.
فَكَانَ هَذَا مِنَ الجَهْمِيَّةِ خَوْضًا فِيمَا نُهُوا عَنهُ، وَمن أَصْحَابنَا إِنْكَارًا لِلْكُفْرِ البَيِّن، وَمُنَافَحَةً عَنِ اللهِ ﷿ كَيْلَا يُسَبَّ وَتُعَطَّلَ صِفَاتُهُ، وَذَبًّا عَنْ ضُعَفَاءِ النَّاسِ
(١) كلمة «المعارض» ليست في الأصل، وأثبتتها من «س»، «ع».
1 / 205