نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
محقق
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
الناشر
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
القاهرة - مصر
تصانيف
وَادَّعَيْتَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقرة: ٢١٠]. فَادَّعَيْتَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْهُ بِإِتْيَانٍ؛ لِما أَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَرِكٍّ عنْدك، وَلَكِنْ يَأْتِي بالقِيَامَةِ (١) بِزَعْمِكَ، وَقَوْلُهُ: ﴿يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾ [البقرة: ٢١٠]، يَأْتِي اللهُ بِأَمْرِهِ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمَامِ (٢)، وَلَا يَأْتِي هُوَ بِنَفْسِهِ.
ثُمَّ زَعَمْتَ أَنَّ مَعْنَاهُ كَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ [النحل: ٢٦]، وَ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ [الحشر: ٢].
فيُقَالُ لِهَذَا المَرِيسِيُّ: قَاتَلَكَ اللهُ! مَا أَجْرَأَكَ عَلَى اللهِ وَعَلَى كِتَابِهِ بِلَا عِلْمٍ وَلَا بَصَرٍ!
أَنْبَأَكَ الله أَنَّهُ إِتْيَانٌ، وَتَقُولُ لَيْسَ إتيانا، إِنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ [النحل: ٢٦].
لقد مَيَّزْتَ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللهُ، وَجَمَعْتَ بَيْنَ مَا مَيَّزَ اللهُ، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ هذَيْن في التَّأْوِيلِ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ تأويلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْرُونٌ بِهِ فِي سِيَاقِ القِرَاءَةِ، لَا يَجْهَلُهُ إِلَّا مِثْلُكَ.
وَقَدِ اتَّفَقَتِ الكَلِمَةُ مِنَ المُسْلِمِينَ أَنَّ الله تَعَالَى فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ القِيَامَةِ لِعُقُوبَةِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَشُكُّوا أَنَّهُ يَنْزِلُ يَوْم القِيَامَة ليفصل بَيْنَ عِبَادِهِ، وَيُحَاسِبَهُمْ وَيُثِيبَهُمْ، وَتَشَّقَقُ السَّمَاوَاتُ يَوْمَئِذٍ لِنُزُولِهِ،
(١) قوله: «يأتي بالقيامة» في الأصل «يأتي يوم القيامة» والمثبت من درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٦٧)، و«س».
(٢) قوله: «يأتي الله بأمره في ظلل من الغمام» سقطت من الأصل وأثبته من درء تعارض العقل والنقل (٢/ ٦٧)، و«س».
1 / 120