191

إصلاح الفقيه فصول في الإصلاح الفقهي

الناشر

مركز نماء للبحوث والدراسات

الإصدار

الأولى

سنة النشر

٢٠١٣

تصانيف

السُّنِّة من حديث رسول الله ﷺ وهو يظن ثبوتها وبقاء مقتضاها، ولهم في ذلك مناهج ومسالك تتشكل منها قاعدة تفسيرية كبرى يفهمون الشريعة في ضوئها ويردون مختلف الحديث ومتشابهه إلى محكماتها. قال الإمام القرافي (ت ٦٨٤ هـ): (فما من عالم إلا وترك جملة من أدلة الكتاب والسُّنِّة لمعارض راجح عنده) (^١). وما من إمام من أئمة الهدى الذين استفاض في الأمة قبولهم والأخذ بفقههم والثناء الحسن عليهم إلا وقد أخذ بالرأي وعمل به؛ فإن الشريعة مفتقرة إلى فقه وفهم في حسن تلقيها والبناء عليها، وإذا تقررت مشروعية الاختلاف فلا بد أن تكون الشريعة منتظمة ومستقيمة بالرغم من هذا الاختلاف، وهذا ما يقتضي أن تكون هذه المذاهب مستقيمة ومنتظمة كذلك، ولا تستقيم هذه المذاهب ما لم تصدر عن منهجية منضبطة شاملة تفتقر إلى الرأي في استقامتها وانضباطها، ولذا قال محمد بن الحسن (ت ١٨٩ هـ): (لا يستقيم العمل بالحديث إلا بالرأي، ولا يستقيم العمل بالرأي إلا بالحديث) (^٢).
وكان يزيد بن هارون (ت ٢٠٦ هـ) مرة في مجلسه فذكر إبراهيم النخعي (ت ٩٦ هـ) فقال قائل: حدثنا عنه ﷺ، فقال يزيد: يا أحمق، هذا تفسير أحاديثه ﷺ، وماذا تصنع بالحديث إذا لم تعلم معناه؟ ولكن همتكم السماع ولو كانت همتكم العلم لنظرتم

(^١) الذخيرة (٥/ ٢٣).
(^٢) أصول السرخسي (٢/ ١١٣).

1 / 204