تهذيب الآثار مسند عمر
محقق
محمود محمد شاكر
الناشر
مطبعة المدني
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: لَأَنْ يُهْدَى إِلَى أَحَدِنَا الضَّبَّةُ الْمَكُونَةُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ تُهْدَى لَهُ الدَّجَاجَةُ السَّمِينَةُ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِالضَّبَّةِ الْمَكُونَةِ: الَّتِي قَدْ جَمَعْتِ الْبَيْضَ فِي بَطْنِهَا، يُقَالُ مِنْ ذَلِكَ: قَدْ مَكِنَتِ الضَّبَّةُ، وَأَمْكَنَتْ، وَهِيَ ضَبَّةٌ مَكُونٌ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي مَكِنَاتِهَا»، وَرَوَى بَعْضُهُمْ: مُكُنَاتِهَا، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يُوَجِّهُهُ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَإِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَمْرٌ بِإِقْرَارِ الطَّيْرِ عَلَى بَيْضِهَا حَتَّى تُفْرِخَ، وَيَزْعُمُ أَنَّ الْمَكِنَاتِ جَمْعُ مَكِنَةٍ، وَأَنَّهَا بَيْضُ الطَّائِرِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ ذَلِكَ قِيلَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ، وَإنْ كَانَ الْمَكِنَاتُ لَا تُعْرَفُ إِلَّا لِلضِّبَابِ، كَمَا قِيلَ: مَشَافِرُ الْحَبَشِ، وَإِنَّمَا الْمَشَافِرُ لِلْإِبِلِ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ فِي صِفَةِ الْأَسَدِ:
[البحر الطويل]
لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
وَلَا أَظْفَارَ لِلْأَسَدِ، وَإِنَّمَا لَهُ مَخَالِبُ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ آخَرُونَ، وَقَالُوا: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى أَمْكِنَتِهَا، وَامْضُوا لِأُمُورِكَمْ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالُوا: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ سَفَرًا أَوْ غَزْوًا أَوْ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ
1 / 202