تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الدولابي (ت٢٢٧هـ) والدارمي عبد الله بن عبد الرحمن (ت٢٥٥هـ) وأبي بكر الأثرم (ت٢٧٣هـ) .
وعلى هذا بنى العلامة الكتاني قوله: "قيل وهو (أي أبو داود) أول من صنف في السنن وفيه نظر يتبين مما يأتي" (١) .
ويشرح الخطابي هذا المرتكز فيقول: "وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم وأمهات السنن وأحكام الفقه ما لا نعلم متقدمًا سبقه إليه ولا متأخرًا لحقه فيه" (٢) .
وهو بهذا الكلام لا يبين قضية الاستقصاء فقط بل نوعيته كذلك، فأبو داود ﵀ وُفِّق حسب تحليل النقاد في جمع الأحاديث الأصول في مجال الأحكام الشرعية، ومارس في كتابه بحق جهدا عظيما: هو استيعاب مادة المصادر المتقدمة وتوفير محتواها للأجيال اللاحقة، ولذلك استحق كتابه أن يسمى "أم الأحكام " من لدن الحافظ ابن حجر ﵀ (٣) .
٢ – حرص الإمام أبي داود في الكتاب على تلافي الطول والتكرار في المصادر التي اعتمدها عند جمعه لمادة الأحكام الشرعية، مما جعله يضمن الإقبال الذي حرمته تلك المصادر، وإلى هذا المعنى يشير الخطابي بقوله: "وكان تصنيف علماء الحديث قبل زمان أبي داود الجوامع والمسانيد ونحوهما، فتجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السنن والأحكام أخبارًا وقصصًا ومواعظ وآدابا فأما السنن المحضة فلم يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءها، ولم يقدر
_________
(١) الرسالة المستطرفة: ٩.
(٢) معالم السنن: ج ١: ١٣.
(٣) التلخيص الحبير ٢: ١٩.
1 / 33