تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
الأوزاعي بالشام، وأبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة، وأبو سلمة حماد بن سلمة بن دينار بالبصرة، ثم تلاهم كثير من أهل عصرهم في النسج على منوالهم. إلى أن رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي ﷺ خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصنف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مسندًا وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندًا، وصنف أسد بن موسى الأموي مسندًا وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل مصر مسندًا، ثم اقتفى الأئمة بعد ذلك أثرهم، فقلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد كالإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة، وغيرهم من النبلاء. ومنهم من صَنَّفَ على الأبواب وعلى المسانيد معا كأبي بكر بن أبي شيبة" (١) .
ومع أن المسانيد تعد تطورًا في التأليف الحديثي ونضجًا على المستوى المنهجي والنقدي معا، فإنها لم تكن – على رغم من ذلك- تقتصر على الصحيح فقط، وإنما تورد بعضا من الأحاديث التي لم تبلغ درجة الصحة، كما سبق في كلام الكتاني ﵀، وملحظهم في ذلك أمور منها:
أولًا: ما ذكره الحافظ ابن حجر وهو أن الغرض الأساس عند من يصنف على المسانيد هو جمع حديث كل صحابي على حدة، سواء أكان يصلح للاحتجاج به أم لا، ثم ذكر الحافظ أنَّ مَنْ عرف من أصحاب المسانيد بانتقاء الأحاديث الصحيحة قليل كإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل، ومع ذلك فقد وقع في كتبهم ما لا يبلغ درجة الصحة من الضعيف والمنكر (٢) .
_________
(١) هدي الساري مقدمة فتح الباري ص ٦.
(٢) النكت ١: ٤٤٧.
1 / 23