تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة

محمد بنكيران ت. غير معلوم
15

تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة

الناشر

مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة

تصانيف

"وجدنا الحديث عند أربعة: الزهري وقتادة والأعمش وأبي إسحاق، وكان قتادة أعلمهم بالاختلاف وكان الزهري أعلمهم بالإسناد... " (١) . ويُرْوى عنه الكثير مما يدل على معرفته بصحيح الروايات وجيدها ودقة علمه بمخارج السنن وتمييزه لصحيحها من سقيمها، ومن ذلك توقيه الرواية عن أهل العراق، وتحذيره منها، بقوله: "إذا سمعت بالحديث العراقي فاردد به ثم اردد" (٢)، ويروي عنه النعمان بن راشد فيقول: "سمعت ابن شهاب يحدث بحديث يزيد بن أبي أنيسة فقلت: يا أبا بكر من حدثك بهذا؟ قال: أنت حدثتنيه، ممن سمعته؟ فقلت: رجل من أهل الكوفة، قال أفسدته، إن في حديث أهل الكوفة دغلا كثيرا" (٣) . وقد كان كلام الزهري هذا من أهم ما اعتمده المحدِّثون في تضعيف رواية أهل العراق. فكان تعيين الزهري - وهو بهذه المنزلة - على رأس القائمين بتدوين السنة كافيا بأن يجعلها تخضع لمقاييس محدودة مضبوطة منع معها تسرب الموضوع إليها، ويؤكد هذه الحقيقة قول الزهري وهو يشرح البواعث على قيامه بالتدوين: "لولا أحاديث تأتينا من قبل المشرق ننكرها لا نعرفها ما كتبت حديثا ولا أَذِنْتُ في كتابته" (٤) .

(١) الخطيب: الجامع ٢: ٢٩٣-٢٩٤. (٢) الفسوي ٢: ٧٥٧. (٣) الفسوي ٢: ٧٦٠، الخطيب ٢: ٢٨٧، وانظر في ذمه لرواية أهل العراق: ابن عدي: الكامل ١: ٧٠، ابن سعد: الطبقات (القسم المتمم) ١٧١، البيهقي: معرفة السنن والآثار ١: ٦٣. (٤) الخطيب: تقييد العلم: ١٠٧-١٠٨.

1 / 15