حقيقة السحر وحكمه في الكتاب والسنة
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة ٣٤-العدد ١١٥
سنة النشر
١٤٢٢ هـ/٢٠٠٢م
تصانيف
الرابع: إن مايأتي به السحرة لا يخرج عن كونه مقدورًا للإنس والجن بخلاف الكرامات فهي كالمعجزات لا يقدر عليها إلا الله١.
الشبهة الثالثة: يروي الرازي عن القاضي أنه قال:" ... لو جوزنا أن يكون في الناس من يقدر علىخلق الجسم والحياة والألوان لقدر ذلك الإنسان على تحصيل الأموال العظيمة من غير تعب. لكنا نرى من يدعي السحر متوصلا ً إلى اكتساب الحقير من المال بجهد جهيد فعلمنا كذبه."٢
الجواب: يقال لهم هذه الشبهة باطلة ولا تلزمنا لأنا لم نطلق الحكم بحصول كل تأثير مهما كان بل قلنا في نطاق معين لا يتجاوز التصرف في الأعراض من باب التأثير على القلوب بالحب والبغض وعلى الأبدان بالألم والسقم. أما أن يقلب الجماد حيوانًا أو عكسه أو الحديد ذهبًا أو نحوه فليس في مقدور الساحر٣.
وبذلك يزول اللبس وتبطل هذه الشبهة. والله أعلم.
والأظهر في هذه المسألة - والله أعلم - أن السحر المذموم صاحبه ليس كله حقيقة وليس كله تخييلًا. بل منه ما هو حقيقة كما دلت عليه أدلة أهل السنة، ومنه ما هو تخييل كما دلت عليه الآيات التي استدل بها المخالفون. وبذلك يتضح عدم التعارض بين الأدلة النقلية. وعلى هذا جماهير العلماء من المسلمين٤. والله أعلم.
_________
١ شرح النووي على صحيح مسلم ج١٤ ص١٧٥-١٧٦، النبوات لابن تيمية ص ٢٨١-٢٨٢، فتح الباري ج١٠ ص ٢٢٣.
٢ تفسير الرازي ج٣ ص٢٠٦.
٣ انظر فتح الباري ج١٠ ص٢٢٣.
٤ أضواء البيان ج٤ ص٤٣٧-٤٣٨، ص ٤٥٥وتيسيير العزيز الحميد ٣٣٤.
1 / 161