التوصل إلى حقيقة التوسل
الناشر
دار لبنان للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٣٩٩ هـ - ١٩٧٩ م
مكان النشر
بيروت
تصانيف
لأقوامهم والوسط هاهنا: الخيار وقد جعل الله أمة محمد وسطًا لما خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب.
روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: [يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير من أحد فيقال لنوح من يشهد لك فيقول: محمد وأمته قال: فذلك قوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا) قال: الوسط: العدل فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم] رواه البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق عن الأعمش ومن حديث لأحمد عن أبي سعيد الخدري: فيدعي محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون: نعم، فيقال: وما علمكم؟ فيقولون: جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا قوله ﷿: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا)]
أخي القارئ المسلم الكريم: وضعت أمامك تفسيرًا مقتضبًا للآيتين المتقدمتين لتأخذ فكرة عامة عن معناهما ثم أشرع في توضيح الشاهد منها في بحثنا وموضوعنا الذي نحن بصدد تحقيقه:
لنعد قليلًا إلى الآية: (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا به واشهد بأنا مسلمون). إن قول الحواريين: نحن أنصار الله آمنا به) ألا ترى يا أخي في قولهم عملًا صالحًا ..؟ أجل إنه عمل صالح. وما قولك يا أخي بنصرة الله ورسوله والإيمان بهما ...؟ فإذا لم يكن ذلك عملًا صالحًا فأين هو العمل الصالح ..؟ لا شك ولا ريب في أنه عمل صالح بل هو رأس العمل الصالح وأساسه أيضًا. ودليلنا قولهم لرسولهم: (واشهد بأنا مسلمون) أي واشهد على إيماننا وإسلامنا فشهادة رسولهم لهم بذلك هي شهادة حق بإيمانهم وإسلامهم وصدقهم في قولهم: (نحن أنصار الله آمنا به واشهد بأنا مسلمون) ثم توجهوا إلى ربهم سبحانه وقالوا: (ربنا آمنا بما أنزلت وتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) الذي يشهدون لعيسى بن مريم ﵊ في جملة ما يشهدون للأنبياء -
1 / 80