.. وعلى المعنى الأول دار كلام حُذَاق المفسرين والأثريين، قال الإمام الطبرى (١) فى تفسيره لقوله تعالى: ﴿ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم﴾ (٢) قال: "وأصل العصم: المنع، فكل مانع شيئًا فهو عاصمه. والممتنع به معتصم به" (٣) وقال تفسيرًا لقوله تعالى: ﴿قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله﴾ (٤): يقول سأصير إلى جبل أتحصن به من الماء فيمنعنى منه أن يغرقنى. ويعنى بقوله (يعصمنى) يمنعنى، مثل عصام القربة الذى يشد به رأسهما فيمنع الماء أن يسيل منها (٥) وفى قوله تعالى: ﴿قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءًا أو أراد بكم رحمة﴾ (٦) قال: من ذا الذى يمنعكم من الله إن هو أراد بكم سوءًا فى أنفسكم (٧) .
_________
(١) هو محمد بن جرير بن يزيد الطبرى، صاحب التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، كان من الأئمة المجتهدين، ولم يقلد أحدًا، وكان إمامًا فى فنون كثيرة منها: التفسير، والحديث، والفقه، والتاريخ، وغير ذلك، توفى سنة ٣١٠هـ له ترجمة فى: تاريخ بغداد للخطيب البغدادى ٢/١٦٢ رقم ٥٨٩، وطبقات المفسرين للداودى ٢/١١٠ – ١١٨ رقم ٤٦٨، وطبقات الفقهاء الشافعيين لابن كثير ١/٢٢٢ رقم ٢٢.
(٢) الآية ١٠١ آل عمران.
(٣) جامع البيان عن تأويل آى القرآن ٤/٢٦.
(٤) الآية ٤٣ هود.
(٥) جامع البيان ٦/٣٠٩
(٦) الآية ١٧ الأحزاب.
(٧) جامع البيان ٢١/ ١٣٨.
1 / 18