فَمِنْهُ مَا يلفظ، عِنْدَمَا بِهِ يلفظ، فَلَا يروي وَلَا يحفظ. وَمِنْه مَا يبْعَث بِهِ ويسخر، وَلَا يقتنى وَلَا يدّخر. وَمِنْه اشْتَمَل على لفظ فصيح، وَمعنى صَحِيح، وقافية وَثِيقَة، ومثارة أنيقة، واشتمل على الحكم والأمثال، ومعظم الشّعْر على هَذَا الْمِثَال. وَلكُل قسم بَيت مَشْهُور، وَشَاهد مَذْكُور، وَإِذا قلت شعرًا فعلى هَذِه الْمَقَاصِد المنوية، وَإِذا قلت سحرًا، فالتخصيص والمزية، بِمَعْنى الْأَوْلَوِيَّة. وَظهر بعد اسْتِمْرَار هَذَا التَّرْتِيب، بُرْهَة من نظم هذَيْن السمطين، وَاخْتِيَار هذَيْن النمطين، أَن الْفرق بَينهمَا، كثير الدقة واللطافة، وَأَن الِاخْتِيَار من بَاب القافية، وَأَن التحسين والتقبيح من بَاب الْإِضَافَة، إِذْ أشخاص المحبوبات، تقع بَينهَا وَبَين النُّفُوس الَّتِي تكلّف بهَا، وتتعلق بِسَبَبِهَا، علاقات لَا تدْرك، ومناسبات تعجز عي المدارك عَنْهَا فَتتْرك. وَكَثِيرًا مَا عشق الْعقل من الْجمال لهَذَا السَّبَب، وأخلاق نفوس الْبشر مثار الْعجب. وَتركت الِاخْتِيَار، بعد أَن أشرقت مطالعه، ووكلته لمن يقف عَلَيْهِ أَو يطالعه، فإنني إِذْ أغفلت الِاخْتِيَار، حزت على الأس الْخِيَار، فيظن النَّاظر فِيهِ، بعد تحكيم ذوقه، واستنزال روحانية التَّمْيِيز من فَوْقه، أَن نَظَرِي مُوَافق لنظره، وَأَن أثرى حَذْو أَثَره. ورتبته على الْحُرُوف، ليَكُون أنسب للتَّرْتِيب، وأليق بِالْمَعْنَى العجيب] . فجَاء مجموعا قَلما اتّفق أَو تَأتي، ومصنوعا لَا ترى فِيهِ عوجا وَلَا أمتا، رَيْحَانَة الأنوف الشم، وخبيئة الجيب والكم، لم يَقع غَيْرِي على مِثَاله، وَلَا نسج بِهَذَا الصقع سواي على منواله، وَهَذَا حِين ابتدى. وَالله ولي المرشد، فِي هَذَا الْقَصْد
1 / 30