324

روضة الطالبين وعمدة المفتين

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٢ هجري

مكان النشر

بيروت

فَرْعٌ
لَوْ خَضَعَ إِنْسَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَتَقَرَّبَ بِسَجْدَةٍ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ حَرَامٌ، كَالتَّقَرُّبِ بِرُكُوعٍ مُفْرَدٍ وَنَحْوِهِ. وَصَحَّحَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ، قَالَهُ صَاحِبُ (التَّقْرِيبِ) قَالَ: وَإِذَا فَاتَتْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ، فَفِي قَضَائِهَا الْخِلَافُ فِي قَضَاءِ النَّوَافِلِ الرَّاتِبَةِ. وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ.
قُلْتُ: وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْخِلَافِ فِي تَحْرِيمِ السَّجْدَةِ، مَا يَفْعَلُ بَعْدَ صَلَاةِ وَغَيْرُهُ. وَلَيْسَ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرُونَ مِنَ الْجَهَلَةِ الظَّالِمِينَ، مِنَ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَشَايِخِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ قَطْعًا بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ إِلَى الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرِهَا. وَسَوَاءٌ قَصَدَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ غَفَلَ. وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ عَافَانَا اللَّهُ تَعَالَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْبَابُ السَّابِعُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
اخْتَلَفَ اصْطِلَاحُ الْأَصْحَابِ فِي تَطَوُّعِ الصَّلَاةِ. فَمِنْهُمْ مَنْ يُفَسِّرُهُ بِمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَقْلٌ بِخُصُوصِيَّتِهِ، بَلْ يُنْشِؤُهُ الْإِنْسَانُ ابْتِدَاءً. وَهَؤُلَاءِ قَالُوا: مَا عَدَا الْفَرَائِضَ، ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، سُنَنٌ، وَهِيَ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَمُسْتَحَبَّاتٌ، وَهِيَ الَّتِي فَعَلَهَا أَحْيَانًا، وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهَا. وَتَطُوُّعَاتٌ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرْنَا. وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَادِفُ بَيْنَ لَفْظَيِ النَّافِلَةِ وَالتَّطَوُّعِ، وَيُطْلِقُهُمَا عَلَى مَا سِوَى الْفَرَائِضِ.

1 / 326